الدليل ، يكون جهلا محضا. فيثبت بما ذكرنا : أن قول من يقول : ليس القول بأن السكون عبارة عن عدم الحركة ، أولى من العكس : كلام فاسد.
ولما ثبت ضعف هذين الطريقين ، فلنذكر ما هو المعتمد في هذا الباب.
فنقول : لنا : في تقرير أن السكون صفة موجودة [وجوه (١)] من الدلائل :
الحجة الأولى : أن نقول : نرى الجسم صار ساكنا بعد أن كان متحركا. فتبدل هاتين الحالتين مع بقاء الذات في الحالتين يقتضي كون إحدى هاتين الحالتين أمرا وجوديا. وإذا ثبت هذا ، وجب كون كل واحد منهما أمرا وجوديا. وذلك لأن الحركة : عبارة عن الحصول الأول ، في الحيز الثاني. والسكون : عبارة عن الحصول الثاني ، في الحيز الأول. فالحركة والسكون متساويان في تمام الماهية ، لأن كل واحد منهما عبارة عن الحصول في الحيز ، وإنما الاختلاف بينهما في كون الحركة حصولا في الحيز ، بشرط أنه كان مسبوقا بالحصول في حيز آخر. والسكون عبارة عن الحصول في الحيز ، بشرط أنه كان قبل ذلك حاصلا في ذلك الحيز ، وكون الشيء مسبوقا بغيره : وصف عرضي خارج عن الماهية [والأوصاف الخارجة عن الماهية (٢)] لا تقدح في تلك الماهية. فثبت : أن الحركة والسكون متساويان في تمام الماهية. فلما كان أحدهما صفة موجودة ، وجب كون الآخر كذلك. فيثبت بما ذكرنا : أن الحركة والسكون ، كل واحد منهما صفة موجودة.
فإن قيل : هذا الكلام بناء على أن الحركة : عبارة عن الحصول الأول في الحيز الثاني ، وهذا عندنا باطل لأن حاصل الكلام راجع إلى أن الحركة عبارة : عن حصولات متعاقبة [في أحياز متلاصقة ، أو عبارة : عن ممارسات متعاقبة (٣)] لأجزاء متتالية. وكل ذلك باطل. لأن هذا إنما يتقرر ، إذا قلنا :
__________________
(١) من (ط)
(٢) من (ت)
(٣) من (ت)