المقدمة الرابعة
في
أن الكتب الالهية تثبت حدوث العالم
إن الكتب الإلهية ليس فيها تصريح بإثبات أن العالم محدث ، بمادته وصورته معا. وتقريره : أن الألفاظ الموجودة في القرآن المشعرة بهذا المعنى : ألفاظ معدودة.
فأولها : كونه تعالى ربا للعالمين ، فإن أول القرآن هو قوله : (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) (١) ولا يلزم من كونه تعالى ربا لها ، أن يكون محدثا لذواتها وأعيانها ، لأن رب الشيء ، هو الذي يربي ذلك الشيء ويكون له عناية بإصلاح مهماته. فمن قال : إنه تعالى هو الذي أحدث (٢) هذا العالم من تلك الأجزاء ورتبها على أحسن الوجوه وألطف الأشكال ، فقد اعترف بكون تعالى [قادرا (٣)] ربا للعالمين.
وثانيها : لفظ الخلق. فقال : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) (٤) واعلم : أن الخلق في اللغة هو التقدير. والدليل عليه قوله تعالى : (إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ ، كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ، ثُمَّ قالَ لَهُ :
__________________
(١) الفاتحة ٢.
(٢) نظم (ط).
(٣) من (ط)
(٤) أول الأنعام.