النفي. والإثبات هل يقتضي زوال أمر كان ، وحصول أمر (١) حدث ، أو لا يقتضي؟
فإن كان الأول. فنقول : ذلك الذي زال. إن كان قديما فقد اعترفتم بأن القديم قد زال. وإن كان حادثا فالكلام في ذلك الحادث ، كالكلام في الأول ، ولزم أن يكون كل علم مسبوقا بعلم آخر إلى أول. وإذا جاز هذا ، فقد بطل دليلكم في إفساد القول بحوادث لا أول لها.
وأما إن قلنا : إن صدق قولنا [ما كان عالما بوجوده لا يقتضي حدوث شيء ولا زوال شيء. فلم لا يجوز أن يقال : إن صدق قولنا (٢)] بتحرك الجسم بعد أن كان ساكنا ، لا يقتضي أيضا زوال شيء ، ولا حدوث شيء. وحينئذ يبطل الدليل المذكور؟ فهذا سؤال قاهر ، قوي على هذا الدليل.
السؤال الثاني : أن نقول : البارئ تعالى إما أن يقال : إنه كان في الأزل قادرا على إحداث هذا العلم ، أو ما كان قادرا عليه. والثاني باطل. وإلا فتلك القادرية لا تحدث [إلا (٣)] لأجل قادر آخر. ولزم التسلسل وهو محال. فيثبت : أن الحق هو الأول. وهو أنه تعالى كان في الأزل قادرا على إحداث هذا العالم. وإذا أحدث هذا العالم ، فبعد حدوثه. هل بقي قادرا على إحداثه ، أو ما بقي كذلك؟ [والأول باطل (٤)] لأن القدرة على إحداث الشيء بعد وجوده محال. فيثبت : أنه تعالى كان قادرا على إحداث [هذا (٥)] العالم في الأزل. فيثبت أن بعد دخول هذا العالم في الوجود ، ما بقي كونه قادرا على إحداث هذا العالم. فكونه قادرا على إحداث هذا العالم : صفة أزلية ، وقد زالت وفنيت. وذلك قول بأن الأزلي قد زال. فإن قالوا : كونه تعالى قادرا على الإحداث والإيجاد : صفة أزلية. وأنها لا تزول ولا تبطل. فأما كونه قادرا على إيجاد هذا
__________________
(١) حادث (ط)
(٢) من (ت)
(٣) من (ط)
(٤) من (ط)
(٥) من (س)