العالم فلا معنى له إلا إضافة قدرته إلى هذا الايجاد المعين المخصوص ، فالزائل ليس إلا هذه الإضافة ، وذلك غير ممتنع. فنقول : هذا العذر مدفوع من وجهين :
الأول : إن الدليل الذي ذكرتموه ، يتناول كل ما كان أزليا ، سواء كان صفة حقيقية، أو أمرا إضافيا. ولما كان الدليل عالما ، وقد توجه النقض عليه ، فقد لزم الإشكال.
الثاني : وهو أن غاية كلامكم : أن هذا الذي زال ، ليس إلا مجرد إضافة ونسبة ، وكذلك السكون الذي زال ، لا حقيقة له إلا مجرد إضافة ونسبة. لأنكم فسرتم السكون بمجرد (١) كونه حاصلا في الحيز المعين على سبيل الدوام. والحصول في الحيز المعين لا معنى له إلا إضافة مخصوصة ، ونسبة مخصوصة. عرضت فذات الجسم بالنسبة إلى ذلك الحيز. فيثبت : أن هذا السكون لا حقيقة له إلّا محض الإضافة والنسبة. وتعلق قدرة الله [تعالى (٢)] بإيجاد هذا العالم أيضا : نسبة مخصوصة ، وإضافة مخصوصة. فإن امتنع العدم على النسبة الأزلية ، والإضافة الأزلية ، وجب أن يكون الكل كذلك. وإن لم يمتنع ذلك في بعض الصور ، وجب أن يكون في الكل كذلك. فأما تجويزه في بعض الصور دون البعض ففاسد.
السؤال الثالث : وهو أنه تعالى مؤثر في وجود هذا العالم ، فتأثيره فيه ، إما أن يكون على سبيل الإيجاد الذاتي ، وإما أن يكون على سبيل الصحة. فإن كان الأول ، لزم من دوام ذات الله تعالى ، دوام العالم. وإن كان الثاني فنقول : المؤثر على سبيل الصحة هو الذي يكون قادرا على الفعل والترك. لأنه لو صح منه الفعل ، ولم يصح منه الترك ، فحينئذ يخرج عن كونه قادرا ، ويصير موجبا بالذات. وكل من كان قادرا على الفعل والترك ، وجب أن يكون الترك
__________________
(١) المجرد (ت)
(٢) من (ت)