مقدورا له. فنقول : هذا [الترك] (١) لا يجوز أن يكون عبارة عن العدم الأصلي المستمر ، لوجهين :
الأول : إن العدم نفي محض ، والقدرة صفة مؤثرة ، فامتنع كون القدرة مؤثرة في العدم.
الثاني : إن العدم الأصلي باق. والقدرة لا تأثير لها في الباقي. لما ثبت أن تحصيل الحاصل محال. فيثبت : أن الترك يمتنع أن يكون عبارة عن عدم الفعل ، فوجب أن يكون عبارة عن فعل [ضد (٢)] الشيء. وإذا ثبت أنه تعالى قادرا في الأزل. فهو في الأزل ، إما أن يكون فاعلا للعالم ، وإما أن يكون تاركا له. فإن كان الأول ، لزم قدم العالم ، وإن كان الثاني لزم قدم ضد العالم. وبتقدير أن يكون الأمر كذلك ، فإنه يمتنع دخول العالم في الوجود إلا عند زوال ذلك الضد الأزلي ، فيكون هذا قولا بجواز العدم على القديم. وهو يبطل كلامكم.
السؤال الرابع : وهو أنه لو كان العالم حادثا ، لكانت صحة حدوثه مستمرة من الأزل إلى وقت حدوثه. لما دللنا على أن تلك الصحة يمتنع [أن يكون (٣)] لها أول. ثم إذا حدث العالم ، لم تبق صحة حدوثه. لأنه الشيء بعد حدوثه لم يبق صحيح الحدوث ، وإلا لزم أن يصدق على الموجود ، أنه يمكن أن يصير موجودا ، وذلك باطل. فيثبت : أن تلك الصحة حكم أزلي ، مع أنها قد زالت.
السؤال الخامس : لو كان العالم حادثا ، لكان حدوثه ، لأجل أنه تعالى أراد إحداثه في ذلك الوقت. فإما أن يقال : إنه تعالى كان في الأزل [مريدا (٤)] لأن يحدثه في ذلك الوقت المعين ، أو ما كان موصوفا بهذه الإرادة
__________________
(١) من (ط ، س)
(٢) من (ت)
(٣) من (ط ، س)
(٤) من (ت)