كان تعيين كل واحد منها زائدا على الماهية. ومتى كان الأمر كذلك ، وجب كونها محدثة.
أما تقرير المقام الأول : وهو قولنا : «إن الأشياء متى كانت متساوية في تمام الماهية ، فإنه يجب أن يكون تعين كل منها زائدا على ماهيته» : فيدل عليه وجوه :
الأول : إن تلك الأشياء لما كانت [متساوية (١)] في تمام الماهية. لا شك أنها مختلفة في تعيناتها ، وما به المشاركة غير ما به المخالفة. فوجب كون تلك التعينات أمورا زائدة على تلك الماهيات.
والثاني : إن المفهوم من قولنا : هذا الإنسان ، مشتمل على المفهوم من قولنا : إنسان. وذلك معلوم بالضرورة. فنقول : إن لم يشتمل قولنا : هذا الإنسان على أمر زائد ، على المفهوم من قولنا : إنسان وجب أن يكون المفهوم من قولنا : هذا الإنسان ، هو عين المفهوم من قولنا : إنسان ، إلا أن هذا باطل. لأن قولنا : إنسان. فإن نفس (٢) مفهومه لا يمنع من وقوع الشركة فيه. وقولنا : هذا الإنسان. فإن نفس مفهومه يمنع وقوع الشركة فيه. فعلمنا : أن المفهوم من قولنا : هذا الإنسان ، اشتمل على أمر زائد ، على المفهوم من قولنا : إنسان ، وما ذاك إلا التعين. فيثبت : أن تعين كل شخص زائد على ماهيته.
الثالث : إن بديهة العقل حاكمة بأن قولنا : هذا الإنسان. مفهوم مركب من قولنا : هذا إنسان. ومن قولنا. فوجب أن يكون المفهوم من قولنا هذا ، مغايرا للمفهوم من قولنا : إنسان. فيثبت : أن تعين كل شخص زائد على ماهيته.
الرابع : إن المفهوم من الإنسان حاصل في الإنسان الآخر ، فلو كان المفهوم من هذا الإنسان [عين المفهوم من الإنسان (٣)] لوجب أن يكون المفهوم
__________________
(١) من (ط)
(٢) تعين (ت)
(٣) من (ط)