الفصل الثالث
في
أحوال سائر الكواكب
واعلم أن منافع الكواكب كثيرة. ومن العجائب : أن الكرات السبعة التي هي منازل السيارات السبعة : قدرها الحكيم الرحيم بحيث يحصل للكواكب فيها صعود إلى الأوج ، ونزول إلى الحضيض. فأحاط بهذه الكرات السبعة : كرتان عظيمتان. أدونهما كرة الكواكب الثابتة ، وأعلاهما الفلك الأعظم. وحصل في داخل الكرات السبعة : كرتان :
إحداهما : كرة الجسم اللطيف ، وهي كرة الهواء والنار. والأخرى : كرة الجسم الكثيف، وهي كرة الماء والأرض. فالكرتان العاليتان ـ أعني كرتي الثوابت والفلك الأعظم ـ هما : الفاعلتان والكرتان الداخلتان ـ أعني كرتي اللطيف والكثيف ـ هما : المنفعلتان ، والكواكب السبعة المركوزة في الكرات السبعة ، كالآلة والأداة فهذه الكواكب إذا تصاعدت إلى أوجاتها ، فكأنها تأخذ القوى من الكرتين العاليتين ، وإذا هبطت حضيضاتها ، وقربت من العالم الأسفل ، فكأنها تؤدي تلك الآثار إلى هذا العالم الأسفل ومن الأحوال العجيبة : أن هذه الكواكب السبعة ، لكل واحد منها حركات ست ، فهي تتحرك بطباعها من المغرب إلى المشرق ، بسبب تحريك الفلك الأعظم من المشرق إلى المغرب. وأيضا : فهي تميل تارة إلى الشمال ، وأخرى إلى الجنوب. وأيضا : فهي تتحرك تارة إلى فوق ، وذلك عند صعودها إلى أوجاتها ، وأخرى إلى أسفل ، وذلك عند هبوطها إلى حضيضاتها. فهذه حركات ست ، حاصلة لكل