المقدمة الخامسة
في
أن هذا العالم. هل له أول أم لا؟
القائلون بأنه يمتنع كون العالم قديما ، ويجب كونه محدثا : اضطربوا في إمكان وجود العالم. هل له أول ، أم لا؟ فمنهم من قال : إنه لا أول لهذا الإمكان. ومنهم من قال : له أول.
أما الذاهبون إلى القول الأول فقالوا : لو كذب قولنا : لا أول ، لإمكان العالم ، لصدق نقيضه ، وهو أنه لا بد لذلك الإمكان من أول. وإذا كان الأمر كذلك ، لزم أن يقال : إن قبل ذلك الأول ، كان الإمكان مفقودا ، كان الحاصل ، أما الوجوب بالذات أو الامتناع بالذات ، فإن كان الأول ، كان القول بالقدم لازم ، وإن كان الثاني لزم أن يقال : العالم كان ممتنع الوجود لذاته [ثم انقلب ممكن الوجود لذاته (١)] وهذا باطل. والذي يدل عليه وجوه :
الحجة الأولى : وهو أن كل ما كان ممتنع الوجود لعينه ولذاته (٢) امتنع أن يقبل الوجود البتة ، لأن مقتضى الماهية لا يتبدل ولا يتغير ، فإن كانت الماهية مقتضية لعدم قبول الوجود ، وجب أن تكون أبدا كذلك ، وإن كانت مقتضية لقبول الوجود ، وجب أن تكون [أبدا (٣)] كذلك. فيثبت : أن العالم لو صدق
__________________
(١) من (ت)
(٢) لذاته ولعينه (ط ، س)
(٣) من (ت)