الفصل الأول
في
ضبط تلك المذاهب بحسب التقسيم
اعلم : أنا نشاهد بأبصارنا هذا العالم العنصري ، ونشاهد أيضا : أن أحوال هذا العالم تتغير عند تغير أحوال الشمس في القرب من سمت الرأس ، وفي البعد منه. فإن بسبب حركة الشمس تحدث الفصول الأربعة. وبسبب حدوثها تتغير أحوال هذا العالم. فهذا المقدار محسوس. ثم عند هذا ترقى العقل واعتبر أحوالا غائبة عن الحس ، وذلك الاعتبار هو أنه يقال : هذا العالم الجسماني. إما أن لا يكون له مؤثر. أو يقال : له مؤثر موجب بالذات. أو يقال له : مؤثر فاعل بالاختيار ، ولا يفعل إلا ما يوافق مصالح الناس ، أو يقال : له مؤثر فاعل مختار ، ولا يبالي بمصالح الناس. فهذه أقسام أربعة. لا مزيد عليها. لأن هذا العالم ، إما أن لا يكون له مؤثر وهو القسم الأول. أو يكون له مؤثر وذلك المؤثر إما موجب وهو القسم الثاني. أو مختار ، وذلك المختار إما أن يراعي مصالح الخلق وهو القسم الثالث. أو لا يلتفت إليها وهو القسم الرابع. فهذا مذهب أهل العلم (١) في معرفة الفعل والفاعل ولا مزيد على هذه الأربعة.
أما القسم الأول : وهو قول من ينفي المؤثر أصلا ، فلا أعرف في الدنيا
__________________
(١) من (ت)