فكيف تحفظها؟ وإن قبلتها ، فتلك القوة قابلة لتلك الصورة ، وحافظة لها. والقبول غير الحفظ. فيكون الشيء الواحد قابلا وفاعلا معا.
السابعة : إن القوة المفكرة التي تتصرف في الصورة المدركة ، والمعاني المدركة بالتحليل والتركيب ، لا شك أنها فاعلة لذلك التركيب ، ولذلك التحليل. فهذه القوة المتصرفة الفاعلة ، هل أدركت تلك الماهيات ، أو ما أدركتها؟ فإن كان الأول وهو أنها أدركتها ، فالإدراك [عبارة (١)] عن قبول العلم بها ، فتلك القوة من حيث إنها قبلت تلك العلوم قابلة ، ومن حيث إنها تصرفت (٢) فيها بالتحليل والتركيب فاعلة.
وإن كان الثاني. وهو أنه ما أدركتها. فالذي لا يكون مدركا كيف يعقل إيقاع التصرف فيه بالتحليل والتركيب؟.
الثامنة : وهي أن القوة التي تحكم بإيجاب المحمول على الموضوع ، أو بسلبه عنه. لا شك أنها فاعلة (٣) فإن هذا الحكم : فعل. فهذه القوة الحاكمة ، هل أدركت ماهية الموضوع وماهية المحمول أم لا؟ فإن أدركت ، فهل قبلت هاتين الصورتين ، ثم أسندت إحداهما إلى الأخرى؟ فالقوة الواحدة قابلة لتلك التصورات ، وفاعلة لأجل ذلك الحكم. وإن قلنا : إن ذلك المصدق ، ما حضر عنده ماهية الموضوع ، وماهية المحمول ، كان هذا تصديقا بدون التصور ، وإنه محال.
التاسعة : أليس أن عندكم العقل الأول علة للعقل الثاني؟ فنقول : العقل الأول ممكن لذاته ، فيكون فاعلا قابلا للوجود من (٤) العلة الأولى. ثم إنه مؤثر في وجود المعلول الثاني ، فهو فاعل. فالشيء الواحد قابل وفاعل معا.
__________________
(١) من (ط ، س).
(٢) منصرفة (ت).
(٣) أنه فاعل (ت).
(٤) من (ط) : (في).