قوله : «إن على هذا التقدير تكون الصورة علة لوجود الهيولى ، وحينئذ لا يكون تأثيرها في وجود الهيولى ، بشركة من الهيولى ، فتكون الصورة في فعلها غنية عن الهيولى ، وكل ما كان غنيا في فعله عن الهيولى ، كان غنيا في ذاته عن الهيولى» فنقول : هذا الكلام : باطل. وذلك لأن هذه الصورة. هل لها تأثير في تقويم الهيولى أم لا (١)؟ فإن لم يكن لها تأثير في تقويم الهيولى ، فحينئذ لا يبقى فرق بين العرض وبين الصورة ، فلا تكون الصورة قسما مغايرا للعرض. وإن كان لها تأثير في تقويم الهيولى ، فتأثيرها في تقويم الهيولى ، إن كان بشركة من الهيولى ، لزم تقدم الهيولى على نفسها ، لأن شرط التأثير أن يتقدم (٢) بالرتبة على الأثر. فيثبت : أن تأثير الصورة في تقويم هيولاها ، ليس بشركة من تلك الهيولى. ثم إن هذا لا يقدح في كون تلك الصورة : صورة هيولانية. فلم لا يجوز أن يكون الأمر هاهنا كذلك؟ وأيضا : إن المتكلمين لما قالوا : الصورة لما كانت حالة في الهيولى ، كانت مفتقرة إلى (٣) الهيولى ، افتقار الحال إلى المحل ، فلو كانت علّة التقويم الهيولى ، لزم افتقار الهيولى إليها ، فيلزم الدور ، وهو محال ، فهذا يدل على أن القول بالصورة [محال (٤)].
ثم إنا تكلفنا جوابا عن هذا الكلام : فقلنا : لم لا يجوز أن يقال : إن الصورة توجب وجود الهيولى ، ثم إنها (٥) لا تؤثر في ذات الصورة ، بل تؤثر في جعل تلك الصورة حالة فيها ، وعلى هذا التقدير فالدور ساقط. أو يقال : لم لا يجوز أن يقال : الصورة توجب الهيولى ، ثم إنها توجب لنفسها كونها (٦) حالة في تلك الهيولى.
إذا عرفت هذا فنقول : لم لا يجوز أن يقال : الصادر الأول صورة
__________________
(١) أو لا يكون (ط).
(٢) متقدم (ت).
(٣) إليها (ط).
(٤) من (ط ، س).
(٥) ثم إن الهيولى (ط ، س).
(٦) في كونها (ت).