الفصل الخامس
في
شرح مذهب هؤلاء الفلاسفة في أن
ذلك الصادر الأول. كيف تصدر
عنه الكثرة الحاصلة في الممكنات؟
اعلم أنا نعبّر عن كلام القوم بالوجه الأحسن ، فنقول : الصادر الأول. إما أن يقال : إنه لا يصدر عنه أيضا ، إلا الواحد ، فيكون الكلام في الثاني ، كما في الأول. فيلزم أن لا يوجد (١) موجودان في الممكنات ، إلا ويكون أحدهما علة [للثاني (٢)] ومعلوم أن ذلك باطل. فإن هذه الحبة من الحنطة ، ليست علة لتلك الحبة الأخرى ، ولا معلولة لها ، فإن وجب الاعتراف بأنه لا بد وأن يصدر عن المعلول الأول أكثر من الواحد ، وكل ما صدر عنه أكثر من الواحد ، ففيه كثرة. ينتج : أنه حصل في ذات المعلول الأول : كثرة. فتلك الكثرة إن كانت واجبة لذاته ، كان واجب الوجود أكثر من واحد ـ وإن كانت ممكنة فهي صادرة عن واجب الوجود. فالواحد قد صدر عنه أكثر من الواحد ، وهو محال. فلم يبق إلّا أن يقال : الماهية الممكنة. لها من ذاتها : الإمكان ، ولها من علّتها : الوجود. فإذا ضمّ ماله من ذاته إلى ماله من غيره ، حصلت كثرة (٣) يمكن جعلها مبدأ للمعلولات الكثيرة. إذا عرفت هذا فنقول : [المعلول (٤)] الأول حصل له الإمكان بذاته ، والوجود من غيره. والشيء ما
__________________
(١) أن يوجد (ت).
(٢) من (ط ، س).
(٣) حصلت له يمكن (ت).
(٤) من (ت).