[تعالى (١)] ثم يحصل عقل تكون الجهات الثلاث التي فيه صالحة لعلية الفلك الثاني ولعقله ولنفسه. وعلى هذا التقدير فيفسد قولهم بالعقول العشرة ، أو الخمسين.
فهذه السؤالات كلها واردة على ما ذكروه في الإمكان والوجود والوجوب بالغير.
أما قوله ثانيا : «إن العلوم الأربعة هي المبادي للموجودات الأربعة» فنقول : علمه بالإمكان وبالوجود. إن كان نفس الإمكان والوجود. فكل ما أوردناه على الإمكان والوجود فهو وارد على هذا العلم ، وإن كان مغايرا لهما ، عاد البحث في علة [وجود (٢)] هذه التعقلات الكثيرة. فقد ظهر بما ذكرنا : أن الذي قالوه في ترتيب الوجود : كلام في غاية الضعف والخبط.
والتحقيق في هذا الباب : أن الأصل الذي فرعوا عليه هذه الكلمات. هو قولهم : «الواحد لا يصدر عنه إلا الواحد» وقد (٣) بينا ضعف دلائلهم في تقرير هذا الأصل ، وأما الإشكالات اللازمة (٤) على هذا الأصل فهي هذه الأسئلة ، التي لا محيص عنها البتة. فكان اللائق بالقائلين بالموجب ، أن يقولوا : إنه تعالى هو المبدأ لوجود جميع الممكنات ، أجناسها وأنواعها وأشخاصها. كما جاء في الكتاب الإلهي : (إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً) (٥) وكما أنه سبحانه هو المؤثر في وجود الكل ، فهو المؤثر في ماهية الكل. على ما بينا بالدلائل القاهرة : إن المؤثر كما يؤثر في الوجود ، فهو المؤثر أيضا في الماهيات.
وهاهنا آخر الكلام في تفاصيل أقوال القائلين بالموجب [والله ولي التوفيق (٦)]
__________________
(١) من (ت)
(٤) الواردة (ت).
(٢) من (ط).
(٥) مريم ٩٣.
(٣) وقد ثبت أكثر (ت).
(٦) من (ت).