المقدمة الأولى
قالوا (١) : الموجود إما أن يكون مؤثرا ، لا يتأثر ، وهو البارئ تعالى. أو متأثرا لا يؤثر ، وهو الهيولى. أو يكون متأثرا ومؤثرا وهو النفس. فإنها تقبل الأثر عن عالم الإله ، وتقوى على التأثير في الهيولى. وإما أن يكون مؤثرا ولا متأثرا ، وهو الفضاء والدهر.
قالوا : فهذه الأقسام الأربعة حاصلة بمقتضى تقسيم العقل. ثم الدليل دل على وجودها : أما البارئ تعالى. فنقول : حوادث العالم تدل على افتقارها إلى المحدث. والدلائل التي نقلناها عن القائلين بأن إله العالم يجب أن يكون فاعلا مختارا ، دالة على كونه فاعلا بالاختيار. فقد ثبت لهذا العالم : إله قادر حكيم.
وأما إثبات الهيولى : فقد ذكرنا دلائل القائلين بأن الحوادث لا بد لها من هيولى. ثم قال : «محمد بن زكرياء» : «وهذه الهيولى هي الأجزاء التي لا تتجزأ بحسب الوجود ، وإن كانت قابلة للتجزئة بحسب الوهم».
وسنذكر الحال فيها في مسألة الجوهر الفرد. قال : «وتلك الأجزاء كانت متفرقة وواقفة ساكنة [في الأزل (٢)].
__________________
(١) من (ط).
(٢) من (ط).