الفصل العاشر
في
حكاية قول من أثبت للعالم إلها فاعلا
مختارا مع أنه يفعل ما يشاء ويحكم
ما يريد. لا يلتفت إلى مصالح الخلق ومفاسدهم
اعلم : أن هؤلاء لما نفوا التحسين والتقبيح في أفعال الله وأحكامه امتنعوا أن يقولوا : إنه ـ تعالى ـ خصص إحداث العالم بوقت معين ، لأن تخصيص ذلك الوقت بالإحداث والتكوين ، أصلح للمكلفين ، وأنفع لهم.
والذي يدل على ذلك وجهين :
الحجة الأولى : إن الفعل موقوف على الداعي. ومتى كان الأمر كذلك [كانت المضار والفواحش والقبائح بأسرها ، بقضاء الله تعالى وقدره. ومتى كان الأمر كذلك (١)] امتنع توقيف صدور الفعل من الله تعالى على رعاية المصالح [والمنافع (٢)].
الحجة الثانية : إن اختصاص ذلك الوقت بتلك المنفعة الزائدة. إما أن يكون لذاته ، أو لشيء من لوازم ذاته ، أو لا لذاته ، أو لا للوازم ذاته. والأول باطل. وإلا لكان الوقت المعين صالحا لاقتضاء الآثار والخواص لذاته. ولو جاز ذلك ، لجاز إسناد كل حادث يحدث إلى الوقت المعين. وحينئذ لا يمكن الاستدلال بحدوث الحوادث على وجود الصانع. وكذا القول إذا قلنا : بأن
__________________
(١) سقط (ط).
(٢) سقط (ط).