الفصل الأول
في
حكاية الحجة القوية
التي لهم في هذا الباب
قالوا : كل ما لا بد منه في كونه تعالى موجدا للأشياء ، ومكونا لها : حاصل في الأزل [ومتى كان الأمر كذلك ، وجب أن يكون موجدا للأشياء ، ومكونا لها في الأزل (١)]
أما المقام الأول : فالذي يدل على صحته : أنه لو لم يكن كل ما لا بد منه في الموجودية والمؤثرية حاصلا في الأزل ، لصدق أن ذلك المجموع ما كان حاصلا في الأزل ، ثم صار حاصلا. فحصول ذلك المجموع بعد أنه ما كان حاصلا ، إما أن يفتقر إلى مؤثر أو لا يفتقر. والثاني قول باستغناء الحادث عن المؤثر ، وذلك باطل بالاتفاق ، فبقي أنه لا بد لحدوث ذلك المجموع من مؤثر ، والكلام في كيفية تأثير المؤثر في حدوث ذلك المجموع ، عائد بتمامه. فيلزم إما التسلسل في الأسباب والمسببات ، وهو محال ، وإما الانتهاء إلى الاعتراف بأن كل ما لا بد منه في الموجودية والمؤثرية : حاصل في الأزل.
وأما المقام الثاني : وهو أنه لما ثبت أن كل ما لا بد منه في المؤثرية ، كان حاصلا في الأزل. فإنه يجب صدور الأثر عنه. فنقول : الدليل عليه : وهو أنه عند حصول كل تلك الأمور ، إما أن يكون الأثر واجب الصدور عنه مطلقا ،
__________________
(١) من (ط ، س)