الفصل الثاني
في تقرير وجوه أخرى من الدلائل
متفرعة على فاعلية المبدأ الأول
اعلم أن للقوم أن يقولوا : الصانع والفاعل من مقولة المضاف. فالصانع مقول بالقياس إلى المصنوع ، كما أن المصنوع مقول بالقياس إلى الصانع ، والمضافان موجودان معا. فإن كان المصنوع موجودا بالقوة ، كان الصانع صانعا بالقوة ، وإن كان المصنوع موجودا بالفعل ، كان الصانع صانعا بالفعل.
وإذا ثبت هذا ، فنقول : لو لم يكن العالم أزليا ، لما كان المصنوع موجودا بالفعل في الأزل [بل (١)] بالقوة. ولو كان الأمر كذلك ، لما كان الصانع صانعا بالفعل [في الأزل ، بل بالقوة. ثم إذا وجد فيما (٢) لا يزال المصنوع (٣)] فقد صار الصانع فيما لا يزال صانعا بالفعل. فيثبت : أن العالم لو كان محدثا ، لزم أن يقال : الصانع كان صانعا بالقوة ، ثم صار صانعا بالفعل. وكل ما كان بالقوة ثم صار بالفعل ، فانتقاله من القوة إلى الفعل ، ومن العدم إلى الوجود لا يكون لذاته ، وإلا لكان بالفعل أبدا. بل لا بد وأن يكون ذلك الانتقال لأجل أن غيره نقله من القوة إلى الفعل ، فلو كان العالم محدثا ، لاحتاج الصانع إلى شيء ينقله من كونه صانعا بالقوة إلى كونه صانعا بالفعل ، وكل من كان
__________________
(١) من (ط ، س)
(٢) في لا يزال (ط ، س)
(٣) سقط (ت)