الوقت المعين. فنقول : صدق هذا النفي والإثبات ، يوجب التغاير لا محالة ، فوجب أن يكون المفهوم من كونه تعالى خالقا للعالم في هذا الوقت [المعين (١)] مغاير للفهوم من كونه تعالى قادرا. وإلّا لصار مورد النفي والإثبات ، أمرا واحدا. وذلك محال. وأيضا : يجب أن يكون المفهوم من كونه تعالى خالقا للعالم ، مغايرا لنفس العالم. وذلك لأن سبب وجود العالم هو خالقية الله تعالى له ، والمؤثر مغاير للأثر. فيثبت : أن المفهوم من الخالقية أمر مغاير للقادرية ، وأمر مغاير لذات المخلوق. وإذا ثبت هذا فنقول : لما كان العالم إنما حدث في هذا الوقت لا قبله ولا بعده ، وجب أن يقال : إن كونه تعالى خالقا له ، إنما حصل في هذا الوقت لا قبله ولا بعده ، لأن قبل حدوث العالم كان العالم باقيا على عدمه الأصلي [ومتى كان الأثر باقيا على عدمه الأصلي (٢)] امتنع أن يصدق على المؤثر كونه مؤثرا فيه. فيثبت: أنه لو كان العالم حادثا ، لكان كونه تعالى خالقا للعالم صفة حادثة في ذات الله تعالى. فنقول : وهذا محال لوجهين :
الأول : إن الحادث إما أن يكون مفتقرا إلى المقتضى ، أو لا يكون كذلك. فإن كان الأول لزم افتقار تلك الخالقية الحادثة إلى خالقية أخرى (٣) ولزم التسلسل. وإن كان الثاني وهو أن لا يفتقر الحادث إلى الخالق ، فحينئذ يلزم أن يستغني حدوث العالم في ذلك الوقت عن الخالق ، وذلك يقتضي نفي الخالق. فيثبت : أن القول بحدوث العالم ، يوجب نفي المؤثر ونفي الخالق ، وذلك محال. فما أدى إليه كان محالا.
الثاني : إن حدوث الصفة في ذات الله تعالى ، يقتضي كون ذاته محلا للحوادث ، وأنه محال. على ما بيناه بالبراهين القاطعة ، فكان هذا القول باطلا [والله أعلم (٤)]
__________________
(١) من (ط).
(٢) من (ط ، س)
(٣) إلى حادثية أقوى (ت)
(٤) من (ت)