الفصل الحادي عشر
في
تفسير الألفاظ المذكورة في هذا الباب
وهي : المدة ، والزمان ، والوقت ، والسرمد ، والازل
والأبد ، والنهار ، والليل ، واليوم ، والساعة ، والحين ، والأجل ،
اعلم. أن إيضاح الفرق بين مفهومات هذه الألفاظ مبني على مباحث دقيقة غامضة في المعقولات.
فاللفظ الأول :
المدة : وقد ذكرنا أنها في ذاتها وفي جوهرها موجود باقي دائم مستمر ، إلا أن شعور العقل بها إنما يحصل بسبب توالي الآنات الحاضرة ، وتعاقبها. فهذا التعاقب والتوالي يشبه كأن بعضها مدد للبعض في الوجود ، أو يقال كأن الزمان يمتد بسبب تعاقبها وتواليها. فلهذا السبب سميت بالمدة.
واللفظ الثاني :
الزمان : واعلم أنا بينا أن الزمان موجود غني في ذاته وفي وجوده عن الحركة ، بل هو حاصل ، سواء حصلت الحركة أم لا ، على هذا التقدير نقول : إنه لا تأثير للحركة في وجود المدة والزمان. إنما تأثير الحركة في تقديرها وتحديدها ، كما أن البنكانات وسائر الآلات ، قد تقدر مدة اليوم بالأجزاء والأبعاض ، ثم إن البنكان لا تأثير له في تكوين اليوم وإيجاده ، وإنما تأثيره في تقدير أجزائه وأبعاضه. فكذلك هاهنا حركة الفلك لا تأثير لها في إيجاد المدة وإنما