فيه. ثم [يقال (١)] : خرج [ذلك الجسم (٢)] عنه. وانتقل إلى خلاء آخر (٣). والمحكوم عليه بأنه خلاء للجسم ومفر له ، وبأن الجسم قد حصل فيه تارة ، وانتقل عنه أخرى. كيف يكون عدما محضا ونفيا صرفا؟ فإن حصول الجسم في العدم المحض غير معقول ، وانتقاله من عدم إلى عدم آخر غير معقول.
الرابع : إنا إذا قلنا : الخلاء الذي من هاهنا إلى هناك. فقولنا : هنا وهناك ، فصل مشترك بينه وبين الخلاء الذي يكون خارجا عنه ، كما أنا إذا قلنا : هذا السطح من هاهنا إلى هناك. فإن قولنا : هاهنا وهناك ، إشارة إلى الفصل المشترك الذي بين هذا السطح ، وبين ذلك السطح الخارج عنه ، المتصل به ، وكما أن إيقاع الفعل المشترك في السطح يدل قطعا على كون ذلك السطح أمرا موجودا ، فكذلك إيقاع الفصل المشترك في الخلاء ، وجب أن يدل قطعا على كون ذلك الخلاء : موجودا له مقدار وامتداد في الجهات.
الخامس : إن المتكلمين يحكمون عليها بأنها أمور متغايرة بالعدد ، ومتباينة بالشخص. فإنهم يقولون : الحركة عبارة عن خروج الجسم من الحيز الأول ، ودخوله في الحيز الثاني [وزعموا أنه ليس بين الحيز الأول وبين الحيز الثاني (٤)] واسطة أصلا ، وأنه حصل بين الحيز الأول وبين الحيز الثالث واسطة. فحكموا على بعض هذه الأحياز بأنها متصلة وعلى بعضها بأنها منفصلة ، وعلى بعضها بأنها متقاربة ، وعلى بعضها بأنها متباعدة ، فإن البعد بين الحيز المعين وبين الحيز الخامس منه. أقل من البعد [بين الحيز المعين (٥)] وبين الحيز العاشر منه. وما كان عدما محضا فكيف يعقل وصفه بهذه الأحوال؟.
السادس : إن هذه الأحوال موصوفة بالصفات المختلفة. فإن بعضها فوق ، وبعضها تحت ، وبعضها يمين ، وبعضها يسار ، وكون الشيء فوق
__________________
(١) سقط (س).
(٢) سقط (س).
(٣) مكان (م).
(٤) من (س ، ط).
(٥) بينه (س).