فضاء ممتدا ، وأن الماء حيث حصل في داخل الطاس ، فإنما حصل واستقر في ذلك الفضاء. قالوا : ومن نازع في ذلك ، فقد نازع في أجلى العلوم الضرورية. إذا عرفت هذا فنقول : فحينئذ دعواكم في حصول العلم الضروري بفساد (١) هذا المذهب يصير معارضا لدعواكم في حصول العلم الضروري بصحة (٢) هذا المذهب ، وإذا تعارضا تساقطا ، فحينئذ يجب ترك دعوى الضروري ، ويجب الرجوع فيه إلى الاستدلال. وإن كان الحق هو الثاني ، وهو أن القول بتداخل البعدين لا يعلم امتناعه إلا بالدليل. فنقول : فعلى هذا التقدير تصير الحجة التي ذكرتموها ساقطة ضعيفة. وذلك لأن قولكم : البعدان المتداخلان ، لا بد وأن يكونا أزيد من البعد الواحد. إن عنيتم به : أنه لا بد وأن يكونا أزيد من الواحد في العدد. فهذا مسلم. وكيف لا نقول ذلك ، وعندنا : أن البعدين المتداخلين بعدان؟ ومن المعلوم بالضرورة : أن البعدين أزيد من البعد الواحد في العدد. وإن عنيتم به : أنه لا بد وأن يكون المجموع أزيد من الواحد في المقدار. فهذا غير مسلم ، لأن الزيادة في المقدار إنما تحصل عند عدم المداخلة بالكلية ، لأن المعقول من التداخل هو أن تصير ذات كل واحدة منهما سارية في ذات الأخرى [سريانا (٣)] بالتمام ، بحيث [تكون (٤)] الإشارة إلى كل واحدة منهما عين الإشارة إلى الأخرى. وحصول هذا المعنى يمنع من حصول الزيادة في المقدار. فيثبت أن قولهم: البعدان المتداخلان لا بد وأن يكونا أزيد من البعد الواحد في المقدار ، مما لا يمكن إثباته ، إلا بعد بيان أن تداخل البعدين ممتنع. فلو بينا امتناع تداخل البعدين ، بقولهم : المتداخلان لا بد وأن يكونا أزيد من البعد الواحد في المقدار ، لزم الدور. وأنه باطل قطعا (٥).
السؤال الثاني : وهو أن مثل هذا الإشكال لازم على أصحاب
__________________
(١) بصحة (م).
(٢) بفساد (م).
(٣) سقط (ط).
(٤) من (س).
(٥) ساقط (م).