قانون قولهم. ولهم عنه عذر سيأتي ذكره بعد ذلك مع الجواب. إن شاء الله تعالى.
الوجه الثاني من الوجوه التي استدلوا بها على أنه يمتنع تداخل البعدين : قالوا : المشاهدة دلت على أن هذه الأجسام المحسوسة متمانعة من التداخل ، فهذا الامتناع إما أن يكون لأجل المادة أو لأجل البعد ، أو لأجل المركب. والقسم الأول وهو أن يكون هذا الامتناع بسبب المادة. هو باطل لوجهين :
الأول : إن معنى قولنا : الجسمان يمتنعان من التداخل ، هو أنه يجب أن يكون كل واحد منهما متفردا (١) بحيز آخر. وهذا المعنى إنما يعقل فيما يكون لذاته المخصوصة يقتضي الاختصاص بحيز معين وجهة معينة. والمادة من حيث هي هي ليس لها امتداد ولا وضع ولا حيز ، وإلا لكانت مادة الجسم [نفس الجسم (٢)] وهو محال. وإذا لم يكن للمادة حيز البتة ، امتنع كونها علة. لوجوب أن يكون حيزها [غير حيزها (٣)] وإذا ثبت هذا ، ظهر أن علة امتناع التداخل ليست هي المادة ، وظهر بهذا أن علة امتناع التداخل ليست إلا الحجمية والمقدار. فإنها هي التي يكون لها اختصاص بالوضع والحيز.
الوجه الثاني : إنا إذا أخذنا جسما يكون هو في نفسه متصلا واحدا مثل الماء الواحد فهو لا محالة ذو مادة بالفعل ، فإذا انفصل ذلك الجسم فإنه يحصل لكل واحد من ذينك القسمين مادة على حدة ، ثم إذا اتصلا مرة أخرى فإنه لا بد وأن تصير المادتان واحدة. إذ لو بقيت مادة كل واحد منهما ممتازة عن مادة القسم الآخر ، لكانت الصورة الحالة في إحدى المادتين ، مغايرة بالفعل للصورة الحالة في المادة الأخرى. وعلى هذا التقدير يكون كل واحد من القسمين ممتازا عن الآخر امتيازا بالفعل. وذلك يمتنع من القول بأنهما بعد الاتصال صارا شيئا واحدا. مع أنا قد فرضنا أن الأمر [صار (٤)] كذلك. وإذا ثبت هذا ،
__________________
(١) مفردا لحيز (م).
(٢) سقط (ط).
(٣) من (س ، ط).
(٤) سقط (ط) ، (س).