لامتياز بعض الأفراد عن بعض. وإنما قلنا : إنه يمتنع حصول الامتياز بالعوارض ، وذلك لأن هذين البعدين لما نفدت كلية [أحدهما (١)] في كلية الآخر ، وكان كل واحد منهما مساويا [للآخر (٢)] في تمام الماهية [لماهية الآخر (٣)] فكل عارض يفرض كونه عارضا لأحدهما ، فإنه لا بد وأن [يكون (٤)] ممكن العروض للآخر ، لكونهما متساويين في تمام الماهية. وأيضا : فكل عارض يفرض كونه عارضا لأحدهما [فإن نسبته إلى أحدهما كنسبته إلى الآخر ، لكون كل واحد منهما مساويا للآخر في تمام الماهية ، ولكون كل واحد منهما مساويا بتمامه في تمام الآخر. وإذا كان كذلك فكل عارض يفترض كونه عارضا لأحدهما (٥)] فهو بعينه يكون عارضا للآخر. وإذا كان كذلك فحينئذ يكون ذلك العارض مشتركا بينهما ، وكل ما كان مشتركا بين شيئين ، فإنه يمتنع كونه سببا لامتياز أحدهما عن الآخر. فيثبت أنه لو امتاز بعد المتمكن عن بعد المكان ، لكان ذلك الامتياز إما بالماهية أو بلوازمها أو بعوارضها. وثبت أن الكل محال ، فبطل القول بحصول الامتياز بين هذين البعدين المتداخلين.
وأما القسم الثاني وهو أن يقال : المتمكن إذا حصل في المكان ، ونفد بعده في بعد المكان ، فإنه لا يبقى أحد البعدين ممتازا عن الثاني. فنقول : هذا أيضا باطل. لأن بتقدير أن لا يبقى الامتياز ، وجب أن لا يحصل التغاير ، لأن كل غيرين فلا بد وأن يمتاز كل واحد منهما عن الآخر ، بكونه هو هو ، وذلك الامتياز في أمر ما ، وفي مفهوم ما ، وحينئذ يعود التقسيم المذكور في أن ذلك الأمر إما الماهية أو لوازمها أو عوارضها ، والكل قد أبطلناه. فيثبت : أنه لو ارتفع الامتياز لارتفع التغاير ، وحينئذ يلزم إما القول بعدم أحد ذينك البعدين ، أو القول بحصولهما مع القول باتحادهما ، وكل ذلك مما قد أبطلناه. فيثبت أن نفود بعد المتمكن في بعد المكان : قول باطل ، ومذهب فاسد. وهذا
__________________
(١) كل واحد مهما (س ، ط).
(٢) من (ط ، س).
(٣) سقط (س).
(٤) من (س).
(٥) سقط (س).