مجموعها حاضرا في هذا اليوم ، ولا يكون الأمس أمسا واحدا ، بل أياما غير متناهية يحيط بعضها بالبعض ، مع أن مجموعها كان حاضرا بالأمس.
إذا عرفت هذا فنقول : مجموع تلك الأيام الغير المتناهية الأمسية ، متقدم على جميع الأيام الغير التناهية [اليومية (١)] وذلك التقدم يجب أن يكون بزمان آخر (٢) يكون ظرفا
لها ، ووعاء لها ، إلا أن القول بذلك محال ، وذلك لأن ذلك الزمان الذي هو ظرف لمجموع الأيام الأمسية لكونه ظرفا لها ، يجب أن يكون خارجا عنها ، لوجوب كون الظرف مغايرا للمظروف. [ولكونه (٣)] أحد الأيام الأمسية يجب أن يكون داخلا في مجموع الأيام الأمسية وحينئذ يلزم كون ذلك الظرف خارجا عن ذلك المجموع ، لكونه ظرفا له ، وكونه داخلا فيه ، لكونه أحد تلك الأزمنة ، فيكون ذلك الواحد داخلا في مجموع تلك الأزمنة ، وخارجا عنها ، وكون الشيء الواحد بالنسبة إلى الشيء الواحد خارجا عنه ، وداخلا فيه محال. فكان هذا القول محالا.
الحجة الخامسة : لا شك أن الباري سبحانه يجب أن يكون متقدما على الحوادث اليومية ، ولا شك أن ذاته (٤) ممتنعة الانفكاك عن هذا التقدم. فهذا التقدم إما أن يتوقف حصوله على حصول الزمان أو لا يتوقف ، فإن كان الأول ، فحينئذ تكون ذات واجب الوجود لذاته ، ممتنعة الخلو عن هذا التقدم ، وهذا التقدم متوقف الحصول على حصول الزمان ، والموقوف على الموقوف على الشيء موقوف على الشيء ، فيلزم افتقار ذات واجب الوجود لذاته إلى الزمان ، والمفتقر في وجوده إلى الغير ممكن لذاته ، فواجب الوجود لذاته ، ممكن الوجود لذاته [هذا خلف (٥)] وأيضا : فإذا كان واجب الوجود لذاته مفتقرا في وجوده إلى وجود الزمان ، فمن المعلوم بالبديهة : أن ما يحتاج واجب
__________________
(١) من (ط ، س).
(٢) بأزمان الاخر (س ، ط).
(٣) من (ط) ، (س).
(٤) ذاته وحقيقته (ت).
(٥) من (ط ، س).