ولما كان ذلك المفهوم شيئا مغايرا لطبيعة البعد والامتداد ، لم يقدح ذلك في قولنا : إن الأبعاد من حيث إنها هي أبعاد متشاركة في تمام الماهية ، وحينئذ يتم الدليل الذي ذكرناه.
لأنا نقول : السواد والبياض يتشاركان في اللونية ، ويتباينان بخصوص كونه سوادا أو بياضا ، ثم إن هذا لا يوجب أن يصح على لونية السواد ، ما يصح على لونية البياض حتى يلزم صحة أن ينقلب السواد بياضا وبالعكس. فكذا هاهنا.
السؤال الثاني : سلمنا أن الأبعاد متساوية في تمام الماهية. لكن لم لا يجوز أن يقال : إن أعدادها تكون مختلفة في اللوازم؟ أما قوله : «الأشياء المتساوية في الماهية ، يصح على كل واحد منها ما يصح على الآخر» قلنا : هذه المقدمة منقوصة بصور كثيرة.
إحداها : إنه قد ثبت بالبرهان أن قول الموجود. على (١) لذاته ، وعلى الممكن لذاته بحسب مفهوم واحد. فإن الوجود من حيث إنه وجود لا تختلف حقيقته في الواجب [والممكن (٢)] وإذا ثبت هذا فنقول : وجود الله تعالى يكون مساويا [لوجود الممكن ، في مجرد كونه وجودا ، ثم لم يلزم من هذا أن يصح على وجود الله تعالى كل ما يصح على (٣) وجود الممكنات ، وذلك يوجب القدح في قولكم : كل ما صح على الشيء صح على مثله.
وثانيها : إن الجسمية على ما قررتموه طبيعة واحدة. ثم الأشياء التي يصح كونها مقارنة لجسمية العناصر ، لا يلزم صحة كونها مقارنة لجسمية الأفلاك. على أصول الفلاسفة. فكذا هاهنا.
وثالثها : إن النفوس الإنسانية متساوية في تمام الماهية ، ثم لم يلزم من هذا أن يقال : النفس المتعلقة بهذا البدن يصح عليها أن ينقطع [تعلقها (٤)]
__________________
(١) واجب الوجود لذاته (س).
(٢) سقط (س).
(٣) سقط (ت).
(٤) سقط (م).