عن هذا البدن ، وتصير متعلقة بالبدن الآخر ، وكذلك القول في النفس المتعلقة بتدبير البدن الآخر. فكذا هاهنا.
ورابعها : إن الرأس المتصل (١) بهذا البدن الإنساني. مساو للرأس المتصل بالبدن الإنساني الثاني في تمام الماهية. إنما المخالفة لو حصلت ، فإنما حصلت بسبب العوارض الخارجية ، ثم لم يلزم أن يصح على كل واحد من الرأسين ما يصح على الرأس الثاني ، حتى يقال : إنه يصح أن ينفصل كل رأس عن البدن المخصوص ، ويتصل بالبدن الثاني. فيثبت : أنه لا يلزم أن يصح على الشيء ما يصح على مثله.
وخامسها : إن طبيعة الجنس واحدة في الأنواع ، ثم إنه لم يلزم من كون الحيوانية التي في الإنسان قابلة للناطقية ، كون الحيوانية التي في الفرس قابلة للناطقية. لا يقال : لم لا يجوز أن يقال : الحيوانية من حيث [هي حيوانية (٢)] قابلة لجميع الفصول ، إلا أن الفصل المعين وهو الناطق ، لما أوجب تلك الحيوانية [صارت تلك الحيوانية (٣)] من لوازم الناطق ، لا لأجل أن منشأ اللزوم ، جاء من جانب المعلول ، بل إنما جاء من جانب العلة ، فبهذا الطريق يعقل أن الأشياء المتماثلة في تمام الماهية مختلفة في اللوازم. لأنا نقول : إذا عقلتم هذا المعنى ، بالطريق الذي ذكرتم ، فلم لا يجوز مثله في مسألتنا هذه؟
وسادسها : إن الجسم له وجود ، فإذا حل فيه السواد والحلاوة والحركة ، فلكل واحد من الجسم ، وهذه الأعراض الثلاثة وجود على حدة. فإذا حلت هذه الأعراض في الجسم ، فقد حلت هذه الوجودات الكثيرة في ذات ذلك الجسم ، فيلزمكم هناك اجتماع المتماثلات. فإن قلتم : إن تلك الوجودات وإن كانت متساوية في كونها وجودات ، إلا أنها متباينة بتعيناتها وتشخصاتها ، فلم يلزم حصول الاتحاد وارتفاع الامتياز. فنقول : لم لا يجوز أن يكون الأمر كذلك في هذه المسألة؟
__________________
(١) المتصلة (م).
(٢) سقط (ط).
(٣) سقط (م).