مقدار الشيء أصغر مما كان من غير أن ينفصل عنه شيء من الأجزاء ، أو من غير أن يحصل لشيء من أجزائه المنفوشة اكتناز. إذا عرفت هذا ، فنقول : إذا جوزتم هذا ، فجوزوا أن يتخلخل جرم الخردلة ، حتى يصير في العظم مثل كرة الفلك الأعظم [أو أعظم (١)] وجوزوا أيضا أن يتكاثف الفلك الأعظم حتى يصير في الصغر مثل الخردلة أو أصغر ، فإن التزموا تجويز ذلك ، فنحن أيضا نلتزم ما الزموه علينا ، وإن أبوا ذلك أبينا نحن أيضا ما ألزموه علينا. [والله أعلم (٢)].
الوجه الخامس من الوجوه التي تمسكوا بها في بيان أن تداخل الأبعاد : ممتنع. وهو أنهم قالوا : لا معنى للبعد الشخصي إلا البعد الذي بين طرفي هذا الإناء. فلو جاز في العقل أن يقال : البعد الموجود بين طرفي هذا الإناء ، بعدان لا بعد واحد ، مع أن المشار إليه بالحس ليس إلا الواحد ، فلم لا يجوز أن يحصل الشك في أن هذا الشخص الذي هو بحسب الإشارة الحسية واحد. هل هو في نفسه واحد أم لا؟ وحينئذ يلزمنا تجويز أن يقال : هذا الإنسان الذي نراه واحدا بحسب الحس ، لعله لا يكون [في نفسه (٣)] واحدا ، بل يكون ألف إنسان أو أكثر ، ومعلوم أن تجويز ذلك دخول في العته والجنون. ولقائل أن يقول : الاعتراض على هذا الوجه [مثل الاعتراض على الوجه (٤)] الرابع من غير تفاوت أصلا ، فلا فائدة في الإعادة. فهذا تمام الكلام في تقرير هذه الحجة نفيا وإثباتا. وهي قولهم : لو كان المكان بعدا ، لزم من حصول المتمكن في المكان ، تداخل البعدين. وهذا محال ، فذا محال [والله أعلم (٥)].
الحجة الثانية على إبطال القول بأن المكان هو البعد : أن قالوا : البعد المسمى بالفضاء ، إما أن يكون حالا في مادة ، أو لا يكون حالا في مادة. والقسمان باطلان ، فبطل القول بأن المكان هو البعد.
__________________
(١) سقط (ط).
(٢) سقط (م).
(٣) سقط (ط).
(٤) سقط (م).
(٥) سقط (م).