فإنه يمتنع كونه قابلا للحركة. فيثبت : أن هذه المادة غير قابلة للحركة [أصلا (١)] وإذا كان كذلك ، فحينئذ يمتنع أن يقال : إن كون البعد حالا في المادة ، شرط لكون البعد قابلا للحركة ، لأن حلول البعد في المادة معناه : أنه قارنه شيء لا يقبل الحركة ، ومقارنة مثل هذا الشيء ، يجب أن يكون مانعا من الحركة ، ولا يعقل كونه شرطا لصحة الحركة. فقد زال هذا السؤال.
واعلم أن [هذه الحجة كلام حسن رتبناه (٢)] نحن للقوم نصرة لمذهب «أرسطاطاليس» وطعنا في قول «أفلاطون» إلا أنها مبنية أيضا على أن الأبعاد متساوية في تمام الماهية ، وأن كل ما صح على الشيء ، فإنه يصح أيضا على مثله. [والله أعلم (٣)]
الحجة الرابعة : هذا البعد المسمى بالفضاء والمكان والحيز ، لا شك أنه يكون قابلا للقسمة ، بحسب الفرض والإشارة. فإنا نقول : من هاهنا [إلى هناك (٤)] ذراع ، ثم من هناك إلى موضع آخر ذراع آخر. ولا معنى للقسمة بحسب الفرض والإشارة إلا ذلك. إذا ثبت هذا ، فنقول : هذه الأجزاء المفترضة في هذا البعد بحسب الإشارة ، إما أن تكون متساوية في تمام الماهية ، وإما أن لا تكون كذلك. فإن كان الأول وجب أن يصح على كل واحد منهما ما صح على الآخر ، وإذا كان كذلك فالجزء الذي حصل فوق ، وجب [صحة (٥)] حصوله تحت ، وبالعكس. وذلك يوجب صحة الحركة والانتقال عليها ، وكل ما يصح عليه الحركة والانتقال ، فله مكان ، فللمكان مكان. وحينئذ تعود المحالات المذكورة. وأما إن كانت تلك الأجزاء المفترضة فيها غير متساوية في تمام الماهية ، فحينئذ يكون هذا الفضاء مركبا من أجزاء مختلفة بحسب الماهية فيكون مركبا ، وكل مركب فإنه ينتهي تحليل تركيبه إلى البسائط ،
__________________
(١) سقط (ط).
(٢) لهذه الحجة كلاما ، وبيناه (م ، ت).
(٣) سقط (م).
(٤) سقط (م).
(٥) سقط (م).