ما يكون محلا له ، ومادة له. وهو المطلوب. فإن قالوا : فمادة الكل مساوية لمادة [الجزء (١)] فيعود الاشتراك المذكور. فنقول في الجواب : إن ذلك البعد لما كان حالا في تلك المادة ، وكانت تلك المادة موصوفة بصفات ، لأجلها كانت مستعدة لقبول ذلك الشكل من واهب الصور ، لا جرم حصل ذلك الشكل دون سائر الأشكال. فيثبت بمجموع ما ذكرنا : أن كل بعد فهو متناهي [وكل متناهي (٢)] مشكل ، وكل متشكل فإنما حصل له شكله المعين بسبب المادة ، وهذا ينتج أن كل بعد فإنه لا يوجد إلا إذا كان حاصلا في المادة. وإذا ثبت هذا كان القول بوجود البعد المجرد محالا [وذلك هو المطلوب (٣)].
ولقائل أن يقول : أما دليلكم على وجوب تناهي الأبعاد فسيأتي البحث عنه [على الاستقصاء. ثم لئن (٤)] سلمنا ذلك ، لكنا نقول : لم لا يجوز أن يكون متناهيا؟ قوله : «إن كان متناهي فهو مشكل ، وكل مشكل فتشكله لا بد وأن يكون لأجل مادته» قلنا : لا نسلم. ولو كان الأمر كذلك ، لعاد الاشتراك المذكور ، لأن مادة الجزء ، مساوية لمادة الكل. أما قوله : «سبب الشكل المعين صفات قائمة بالمادة ، أعدت تلك المادة لقبول ذلك الشكل المعين» فنقول : فإذا عقلتم ذلك ، فلم لا يجوز أن يقال : الطبيعة المقدارية وحدها من غير أن يكون لها مادة ، كانت موصوفة بصفات مخصوصة ، لأجلها صارت مستعدة لقبول ذلك الشكل المعين ، وعلى هذا التقدير فتستغني الطبيعة المقدارية عن الحلول في المادة. وحينئذ يبطل قولكم : «إن كل ما كان بعدا ومقدارا ، فإنه لا بد وأن يكون حالا في محل».
وليكن هاهنا آخر كلامنا في نقل دلائل الطاعنين في أن المكان هو البعد. والله أعلم(٥).
__________________
(١) سقط (ط) ، (س).
(٢) من (ط ، س).
(٣) سقط (ط).
(٤) سقط (ط).
(٥) وليكن هاهنا آخر الكلام في البحث عن دلائل الطاعنين (م ، ت).