وما [ثبت (١)] للشيء [بذاته (٢)] قبل ما يثبت له بسبب غيره ، كان سكونه في ذاته أمرا مغايرا لبقاء مسامتاته مع غيره.
الرابع : إنه يمكننا أن نعقل كون الشيء ساكنا في ذاته ، مستقرا في حيزه الذي هو فيه ، حال كوننا غافلين عن كل ما سواه. وأما بقاء مسامتته مع غيره ، فهذا لا يمكن [تعقله إلا (٣) مع] تعقل غيره. فعلمنا : أن كونه ساكنا في ذاته أمر مغاير لبقاء مسامتاته مع غيره.
وأما قوله (٤) : إنه لو كان المكان عبارة عن السطح ، لزم أن نحكم على المتحرك حال كونه متحركا بكونه ساكنا. فتقريره : أنا إذا وضعنا شيئا من الدقيق في جراب. فعند القائلين بأن المكان هو السطح [يكون مكان ذلك الدقيق هو السطح (٥)] الباطن من ذلك الجراب ، المماس للسطح الظاهر من ذلك الدقيق. فإذا فرضنا أنه نقل ذلك الجراب من «الريّ» إلى «خراسان» فقد انتقل ذلك الدقيق من بلد إلى بلد ، مع أن المماسة الحاصلة بين ذينك السطحين باقية ثابتة غير متغيرة. فلو لم يكن المكان إلا السطح ، لوجب الحكم على ذلك الدقيق بأنه بقي ساكنا ، مع أنا نعلم بالضرورة أنه انتقل من «الري» إلى «خراسان» وذلك باطل.
فإن قالوا (٦) : إن ذلك الدقيق الذي في ذلك الجراب ، لا نقول : إنه متحرك بالذات، بل نقول : إنه متحرك بالفرض. فالجواب أن نقول : إن قول القائل هذا الجسم متحرك بالفرض : لفظة [مبهمة (٧)] لا بد من البحث عن معناها. فنقول : لا شك أنا حين جعلنا هذا الدقيق في الجراب ، حين كنا في «الري» فقد كان هذا الدقيق حاصلا في الري ، فإذا جئنا بذلك الجراب إلى «خراسان» فلا شك أن ذلك الدقيق حصل في «خراسان» فذلك الدقيق الذي كان في «الري» إما أن يقال : إنه في نفسه لم ينتقل ولم يتحرك ، بل بقي
__________________
(١) من (س ، ط).
(٥) سقط (ط ، س).
(٢) من (س ، ط).
(٦) فإن قيل (س).
(٣) سقط (ط).
(٧) من (س).
(٤) قولنا (م).