ممكن ، فإذن كل واحد من أجزاء الزمان ممكن [الوجود (١)] لذاته ، ومجموعه مفتقر إلى كل واحد من أجزائه ، والمفتقر (٢) في وجوده إلى ما يكون ممكن الوجود لذاته ، كان أولى أن يكون ممكن الوجود لذاته. فثبت : أن المدة والزمان ـ بتقدير أن يكون موجودا ـ كان ممكن الوجود لذاته ، وكل ما [كان (٣)] ممكن [الوجود لذاته (٤)] ، فإنه لا يلزم من فرض عدمه بعد وجوده محال.
إذا ثبت هذا فنقول : لو كانت هذه البعدية لا يعقل تقررها ، إلا بسبب الزمان ، فحينئذ يلزم كون الزمان موجودا ، حال ما فرض معدوما ، لأن عدمه بعد وجوده لما لم يتقرر إلا بالزمان ، فلو فرضنا أنه عدم بعد وجوده ، فحينئذ يلزم من فرض كون هذا العدم حاصلا ، بعد ذلك الوجود ، أن يكون الزمان موجودا ، حال ما فرضناه معدوما ، فثبت : أنه لو كان الزمان موجودا ، لكان يلزم من مجرد فرض عدمه ، فرض وجوده ، وهذا محال. فثبت : أن فرض عدم الزمان يوجب المحال لذاته ، وكل ما كان كذلك كان واجبا لذاته ، فالزمان بتقدير كونه موجودا ، يلزم بحسب الاعتبار الأول أن يكون ممكنا ، وبحسب الاعتبار الثاني أن يكون واجبا لذاته. ولما كان ذلك محالا ، ثبت : أن حصول هذه القبليات ، والبعديات لا يتوقف على وجود [المدة (٥)] والزمان. وهو المطلوب.
الحجة الثامنة : إن الحكماء قالوا : المحدث له عدم سابق ، وله وجود لاحق ، وله آن وجوده حصل بعد عدمه. ثم قالوا : إن كونه بعد العدم ، يمتنع أن يكون مستفادا من سبب منفصل ، لأن كون هذا الوجود مسبوقا بذلك العدم ، أمر واجب الثبوت لذاته ، [ولعينه (٦)] ، فإنه من المحال فرض هذا
__________________
(١) سقط (ط) ، (س).
(٢) والمفتقر إلى الممكن أولى بالإمكان (ط) ، (س).
(٣) سقط (ط) ، (س).
(٤) سقط (ط) ، (س).
(٥) سقط (ط) ، (س).
(٦) سقط (ط) ، (س).