وثالثها : إن البعد الممتد بين طرفي الطاس المعين ، بعدا واحدا بالشخص لا يتبدل ولا يتغير. وأما الأجسام الحاصلة في داخل الطاس ، فإنها أجسام مختلفة متعاقبة. فإن الطاس تارة يكون مملوءا بالماء ، ثم إن الماء يخرج ويدخل فيه الهواء ، ثم إن ذلك الهواء قد يخرج ويحصل عقيبه هواء آخر. فالحاصل أن البعد الممتد بين طرفي الطاس بعد واحد بالشخص ، باقي بعينه ، لا يتبدل ولا يتغير. وأما الأجسام التي تحصل في داخل ذلك الطاس ، فإنها أجسام [متبدلة متعاقبة (١)] والشيء الواحد بالشخص المصون عن التبدل والتغير ، مغاير للشيء الذي لا يكون باقيا ، بل يكون متبدلا متغيرا. وذلك يدل على أن ذلك البعد الممتد بين طرفي الطاس ، مغاير للأجسام الشاغلة لتلك الأحياز.
الحجة الثالثة : لو كان المكان عبارة عن السطح الحاوي ، لزم القول بأن المكان قد يزداد حال بقاء المتمكن في ذاته بحاله ، ويلزم أيضا أن يقال : المكان يبقى كما كان حال انتقاص ذلك المتمكن ، ويلزم أيضا أن يقال المكان قد يزداد حال ما ينتقص المتمكن ، وكل ذلك باطل ، فالقول بأن المكان هو السطح باطل.
فهذه إلزامات ثلاثة : أما الإلزام الأول : فبيانه في صورتين :
الصورة الأولى : إن الجسم الواحد إذا جعل قطعا كثيرة ، فمقدار مجموع هذه القطع يكون مساويا لمقدار كله قبل القطع والتفريق. لكن السطوح المحيطة بهذه القطع تكون أكثر من السطح المحيط بمجموع ذلك الجسم قبل التقطيع والتفريق. فههنا مقدار المتمكن واحد في حالتي الاتصال والتقطيع ، مع أن مكانه حال ما كان متصلا ، أقل بكثير من مكان عند حصول التقطيع فيه.
الصورة الثانية : إنه ثبت في الهندسة : أن أوسع الأشكال هو الدائرة. فالشمعة إذا جعلت كرة ، فإن السطح المحيط بها أصغر (٢) من السطح المحيط
__________________
(١) منتقلة (م ، ت).
(٢) أكثر (م).