بها عند ما تجعل مكعبة (١) فههنا المتمكن باقي بحاله ، مع أن المكان ازداد عند التكعيب.
أما الإلزام الثاني : وهو أن يبقى المكان بحاله مع انتقاص المتمكن فنقول : الماء الذي في القربة. مكانه هو السطح الداخل من القربة ، فإذا عصرنا القربة حتى فاض بعض ما كان فيها من الماء ، بقي سطح القربة محيطا بما بقي فيها من الماء. فههنا المتمكن قد انتقص مع أن المكان باقي كما كان.
وأما الإلزام الثالث : [وهو قولنا (٢)] المتمكن قد ينتقص والمكان يزداد. فنقول : تقريره : إنا إذا فرضنا مكعبا متساوي السطوح ، فإن مكانه هو السطح المحيط به ، فإذا أحدثنا في كل واحد من جوانبه نقرا عميقة واسعة ، فههنا انتقص جرم المتمكن ، ولزم من انتقاصه ازدياد السطوح المحيطة به. فلو كان المكان عبارة عن السطوح المحيطة بالشيء ، لزم في هذه الصورة أن يقال : انتقاص ذات (٣) المتمكن أوجب ازدياد مكانه. ومعلوم أن كل هذه اللوازم باطلة فاسدة. أما إذا قلنا : المكان هو البعد الذي [ينفد فيه ذات (٤)] الجسم [لم يلزم عليه (٥)] شيئا من هذه المنكرات (٦) والمحالات.
الحجة الرابعة : إنا إذا تخيلنا جسما واحدا ، وتخيلنا أنه وجد وليس معه غيره ، فإنه لا بد وأن يحكم العقل عليه بأنه هاهنا أو هناك فيثبت : أن المعنى [المعقول (٧)] من قولنا : الجسم هاهنا أو هناك : أمر لا يقدر الذهن على تصور وجود الجسم ، إلا مع تصور حصوله. وأما كون الجسم ، ممسوس جسم آخر ، أو محاط جسم آخر ، فأمر يتمكن العقل من تصور الجسم جسما مع الذهول عنه. وهذا القياس ينتج إنتاجا ضروريا : أن المعقول من كون الجسم هاهنا أو
__________________
(١) يحصل تكعيبه (م).
(٢) من (س ، ط).
(٣) وجوب (ت) وجود (م) ذات (ط ، س).
(٤) بداخله (م).
(٥) فإن (م).
(٦) المنكرات لا تتوجه إليه (م ، ت).
(٧) سقط (م ، ت).