الوجود ، إلا مسبوقا بالعدم ، ولما كانت هذه المسبوقية أمرا واجب الثبوت [لهذا المحدث لذاته (١)] ولعينه ، امتنع أن يكون مستفادا من سبب منفصل. وأقول (٢) : هذا اعتراف من هؤلاء الأفاضل بأن كون هذا الوجود موصوفا بأنه بعد العدم ، [أمر (٣)] لا يمكن أن يكون معللا بغيره ، وإذا كان الأمر كذلك ، فكيف قالوا [هاهنا (٤)] : إن هذه القبلية وهذه البعدية لا يتقرر واحد منها ، إلا لأجل شيء مغاير يسمى بالمدة والزمان؟ وتمام تقريره : أن الشيء المحكوم عليه بأنه [قبل غيره يمتنع تقرر وجوده إلا مع هذه القبلية. والشيء المحكوم عليه بأنه] (٥) بعد غيره ، يمنع تقرره إلا مع هذه البعدية.
فثبت : أن حصول هذه القبليات ، وهذه البعديات ، أمور ثابتة لهذه الأشياء لذواته ولأعيانها. ثم ثبت في خواص الواجب لذاته (٦) ، وخواص الممكن : أن الواجب لذاته ، يمتنع أن يكون واجبا لغيره ، وهذا ينتج أن حصول هذه القبليات والبعديات ، يمتنع أن تكون موقوفة على موجود آخر مغاير [والله أعلم (٧)].
الحجة التاسعة [في هذا الباب] (٨) : لو كان للزمان والمدة ماهية وحقيقة ، لوجب أن تكون ماهيته هو الكم. وذلك لأنه قابل للمساواة ، واللامساواة [والتجزي (٩)] ويمكن فرض جزء فيه ، ويقدره (١٠) وهذا هو خاصية الكم ، ولو كان كما ، لكان إما أن يكون كما متصلا ، أو كما منفصلا ، والقسمان باطلان ، فبطل [القول (١١)] بوجوده. وإنما قلنا: إنه لا يمكن أن يكون كما متصلا ، وذلك لأن الكم المتصل هو الذي ينقسم إلى جزءين مشتركين في حد واحد [بعينه (١٢)] لكن الزمان منقسم إلى الماضي ، وإلى المستقبل، وهما
__________________
(١) سقط (ط).
(٧) من (ط ، س).
(٢) فأقول (ط) ، (س) قال مولانا رضى الله عنه (ت).
(٨) سقط (ط ، س).
(٣) سقط (س).
(٩) سقط (ط) ، (س).
(٤) سقط (ط) ، (س).
(١٠) جزء فيه يعده ويقدره (ت).
(٥) من (س ، ط).
(١١) من (ط ، س).
(٦) الوجود (ت).
(١٢) من (ط ، س).