السطوح المتصلة ، قد ارتفع عنا تحته دفعة [واحدة (١)] فإذا لم يكن في ذلك السطح الصغير شيء من المنافذ امتنع أن يقال : الجسم دخل في منافده ، والثاني أيضا باطل. لأن انتقال تلك الأجسام من الجوانب إلى الوسط ، إما أن لا يعتبر فيها مرورها بالطرف ، وهو ظاهر الفساد ، أو يعتبر فيه ذلك. وحينئذ لا يخلو إما أن يقال إنه : حين يكون في الطرف يكون في الوسط أيضا ، وهو ممتنع. لأن الجسم الواحد لا يحصل دفعة واحدة في حيزين ، أو يقال : إنه حين يكون حاصلا في الطرف ، لا يكون حاصلا في الوسط. وحينئذ يلزم أن يقال : إن حين كان ذلك الجسم حاصلا في الطرف ، كان الوسط خاليا. وهو المطلوب.
فإن قيل : لم لا يجوز أن يقال : إنه كلما (٢) ارتفع أحد السطحين عن الآخر ، فإن الفاعل المختار يخلق في ذلك الوسط جسما. وحينئذ لا يلزم القول بالخلاء؟ أو يقال : إنه كلما ارتفع أحد السطحين عن الآخر فإن الأجسام المحيطة بهما تتخلخل ويزداد عظمها ، ويمتلئ الوسط بها في الحال؟
والجواب. أما الأول فمدفوع من وجهين :
الأول : إن الفاعل المختار لا يقول به الفلاسفة.
والثاني : يلزم الدور المذكور ، وذلك لأن صحة إحداث الجسم هناك ، مشروط بارتفاع أحد ذينك السطحين عن الآخر ، لئلا يلزم تداخل الأجسام ، فلو جعلنا صحة ارتفاع أحد ذينك السطحين عن الآخر مشروطة بإحداث ذلك الجسم ، لزم الدور. وأما القول بازدياد مقادير الأجسام المحيطة بذينك السطحين فهو باطل. لوجهين :
الأول : هذا المذهب باطل على ما بيناه في باب الحركة.
والثاني : هو أنا نقول : هب أن هذا الازدياد ممكن ، إلا أن طرف ذلك
__________________
(١) سقط (س).
(٢) كما كان (م).