والثاني : إن حركات الأفلاك لا عائق لها في مسافاتها ، فوجب وقوعها لا في زمان.
والثالث : إن (١) من شرط تحقق ماهية الشيء ، أن لا يحصل معها ما يكون عائقا عنها ، وإذا كان كذلك ، فلنفرض الحركة خالية عن كل العوائق ، فيلزم على هذا التقدير وقوعها لا في زمان. وذلك محال. فثبت بهذه الوجوه : فساد القسم الثاني ، فتعين أن يكون الحق هو القسم الأول ، وهو أن الحركة من حيث إنها حركة ، تستدعي قدرا من الزمان.
وإذا ثبت هذا [الأصل (٢)] فنقول : الحركة الواقعة في مسافة عشرة أذرع تستدعي قدرا من الزمان ، بسبب كونها حركة ، ثم إن حصل في تلك المسافة شيء من العوائق ، فحينئذ تستدعي تلك الحركة قدرا آخر من الزمان ، بسبب ما في تلك المسافة من العائق. ثم إن الزمان المستحق بسبب ما في المسافة من العائق هو الذي يقصر [بسبب (٣)] لطافة ذلك العائق ، ويعظم بسبب كثافته. وإذا ظهر هذا فنقول : الحركة الواقعة في الخلاء : واقعة في ساعة واحدة ، وهي الزمان الذي يستحقه هذا القدر من الحركة ، لأجل أنها حركة فقط. وأما الملاء الذي رقته أزيد من رقة الماء عشر مرات ، فإن الحركة تقع فيه [في ساعة واحدة وتسعة أعشار ساعة (٤)] أما الساعة الواحدة فبسبب أصل الحركة ، وأما تسعة أعشار الساعة فبسبب ما في المسافة من العائق الضعيف.
وبالجملة : فالمحال الذي ألزموه ، إنما يتم لو جعلنا الزمان كله في مقابلة العائق ، أما إذا جعلنا بعض الزمان في مقابلة أصل الحركة ، وبعضه في مقابلة العائق ، كانت الحركة الواقعة في الخلاء الصرف ، واقعة في ذلك الزمان تستحقه الحرة ، لما هي هي. وأما الحركة الواقعة في الملاء ، فإنها واقعة في ذلك الزمان مع مقدار آخر من الزمان ، الذي يستحق بسبب ما في المسافة من
__________________
(١) إنه ليس من شرط (م ، ت).
(٢) سقط (م).
(٣) سقط (ط).
(٤) في ساعة وعشر ساعة (م ، ت).