الزمان. فثبت : أن الحركة مفتقرة في تحققها إلى وجود الزمان ، ولو كان [وجود (١)] الزمان مفتقرا إلى تقرر الحركة ، لزم افتقار كل واحد منهما إلى الآخر ، وهو دور ، والدور محال. وإنما قلنا : إنه يمتنع أن لا يكون الزمان من لواحق الحركة ، لأن الزمان والمدة ، لا يعقل ثبوته إلا حيث حصلت قبليات متوالية ، وبعديات متوالية. وحصول القبلية بعد البعدية ، [والبعدية (٢)] بعد القبلية ليس إلا التغير والتبدل. وذلك يقتضي أن لا تتقرر ماهية الزمان إلا عند حصول التغير والحركة. فثبت : أنه لو كان الزمان موجودا ، لكان إما أن يكون من لواحق الحركة ، وإما أن لا يكون. ولما ثبت فساد القسمين ، وجب أن يكون القول بوجود الزمان [باطلا (٣)]
الحجة الحادية عشر : لو كان الزمان موجودا ، لكان إما أن يكون مقدارا للحركة وإما أن لا يكون. والقسمان باطلان ، فالقول بوجوده باطل. إنما قلنا : إنه يمتنع أن يكون مقدارا للحركة لوجوه كثيرة سيأتي تفصيلها. لكن الذي نذكره الآن : أن الزمان لو كان موجودا ، لكان عبارة عن مقدار امتداد الحركة. وامتداد الحركة لا وجود له في الأعيان ، لأن الحاصل في الأعيان هو حصول الجوهر المعين ، في الحيز المعين ، فأما تعاقب حصولات الجوهر المعين في الأحياز المتعاقبة ، فذاك لا حصول له في الأعيان.
فثبت : أن امتداد وجود الحركة ، لا حصول له [في الأعيان (٤)] ، وإذا كان هذا الامتداد لا حصول له في الأعيان ، كان مقدار هذا الامتداد ، يمنع أن يكون موجودا في الأعيان ، لأن مقدار هذا الامتداد ، صفة لهذا الامتداد.
فإذا كان هذا الامتداد معدوما في الأعيان ، امتنع أن يكون مقدار هذا الامتداد موجودا في الأعيان ، لأن صفة المعدوم يمتنع أن تكون موجودة. وإنما قلنا : إنه يمتنع كون الزمان شيئا آخر غير مقدار الحركة ، لأنا نتكلم في هذا
__________________
(١) سقط (ط ، س).
(٢) من (ط ، س).
(٣) سقط (م).
(٤) من (س ، ط).