الفصل الثاني
في
تقرير قول من يقول :
العلم بكون المدة والزمان موجودان :
علم بديهي أولي. لا يحتاج فيه
الى الحجة والدليل
اعلم أن المثبتين للمدة فريقان : منهم من يدعى أن العلم بوجوده علم بديهي ضروري ، غني عن البيان والبرهان. ومنهم من حاول إثباته بالبينة والبرهان. أما الفريق الأول فمنهم «محمد بن زكريا الرازي» وقوم آخرون.
أنا (١) وإن كنت ما وجدت لهم إلا ادعاء البديهة والضرورة ، إلا أنّي أقرر تقريرا [أحسن وأكمل ، مما ذكروه (٢)]. وأقول : لهم أن يحتجوا على صحة قولهم بوجوه :
الحجة الأولى : إنا لو فرضنا شخصا غافلا عن وجود الأفلاك والكواكب وعن طلوعها وغروبها ، بأن كان أعمى ، كان جالسا في بيت مظلم ، وقدرنا أنه قصد تسكين الحركات بأسرها حتى الطرف والنفس ، فإن هذا الإنسان يجد المدة أمرا سيالا (٣) يحدث ، ويمر دائما بلا وقوف ولا انقضاء. والعلم بذلك ضروري حتى أنه إذا اعتبر هذه الحالة من البكرة إلى الضحوة ، ثم اعتبرها من الضحوة إلى وقت الظهر ، فإنه مع غفلته عن حركة الشمس والقمر وسائر الكواكب والأفلاك ، يعلم بالبديهة : أن الذي انقضى من البكرة إلى الضحوة ، نصف ما
__________________
(١) آخرون [وقال مولانا الإمام الداعي إلى الله] وأنا ... الخ (ت).
(٢) كاملا تاما (ط ، س).
(٣) مثبتا لا يحدث (ت).