انقضى من البكرة إلى الظهر. ويعلم بالبديهة : أن علمه بهذا الاعتبار لا يتوقف على علمه بأن فلكا تحرك ، أو كوكبا تحرك. وهذه الاعتبارات تدل على أن العلم بوجود المدة والزمان : [علم بديهي (١)] أولى ، غني عن البيان والبرهان.
الحجة الثانية : إن كل أمر يشير العقل إليه ، سواء كان موجودا أو معدوما ، فإن ذلك الأمر إما أن يعتبر حال حدوثه [وتبدله (٢) أو حال دوامه [واستمراره (٣)]. فإن اعتبرناه حال حدوثه فههنا العقل حكم بإثبات حيز (٤) وزمان ، جعله ظرفا لحدوثه ، [فإن العقل لا بد وأن يقول : إنه إنما حدث في ذلك الزمان الفلاني (٥)] وإن اعتبرناه حال دوامه ، فهذا الدوام لا يعقل منه إلا أنه كان موجودا في الأزمنة المتقدمة مع أنه موجود في الزمان الحاضر. [فأما إذا (٦)] رفعنا اعتبار الزمان والمدة من العقل (٧) فههنا يعجز العقل عن تصور معنى الحدوث ، [وتصور معنى (٨)] الدوام ولما كان هذان المعنيان متصوران [تصورا (٩)] بديهيا وثبت أن تصورهما لا يتقرر إلا عند الاعتراف بوجود الزمان [ثبت أن الاعتراف بوجود الزمان (١٠)] من العلوم البديهية الأولية.
والذي يزيد هذا الكلام تقريرا أن المتكلمين قالوا : العرض لا يبقى زمانين ، والباقي هو الذي [استمر وجوده (١١)] زمانين وأكثر ، فهم لم يعقلوا [البتة (١٢)] معنى الحدوث ، ومعنى البقاء [إلا بسبب (١٣)] المدة والزمان. وهذا يدل على أن العلم بوجود المدة والزمان علم بديهي غني عن الحجة والبرهان (١٤).
__________________
(١) من (ت).
(٢) سقط (ط) ، (س).
(٣) سقط (ط) ، (س).
(٤) حال وحيز وزمان (ت).
(٥) من (س ، ط).
(٦) سقط (م).
(٧) من العقل عجز العقل حينئذ عن تصور (ت).
(٨) سقط (س).
(٩) من (س ، ط).
(١٠) من (س ، ط).
(١١) وجد في (س ، ط).
(١٢) من (ت).
(١٣) بالقياس إلى (ت).
(١٤) البينة والتقرير (ط ، س).