وأيضا : فإن سرعة الحركة وبطأها ، إنما يعقلان بسبب المدة والزمان ، فإنه يقال : الأبطأ هو الذي يقطع مثل ما قطعه السريع في زمان أطول ، أو يقطع أقل مما قطعه السريع في [مثل (١)] زمان السريع ، والأسرع ما يكون بالضد منه ، وكل ذلك يدل على أن الزمان غير الحركة.
الحجة السادسة : إنه يمكننا تعقل أفلاك كثيرة في الخلاء الذي لا نهاية له ، بحيث يكون كل واحد منها خارجا عن الآخر ، وغير متعلق به. فعلى هذا التقدير يمكننا تصور حركات كثيرة [معا (٢)] بحيث لا تكون منها تبعا للأخرى. ونعلم بالبديهة : أنه لا يمكننا تعقل حصول زمانين معا ، فالحركة غير الزمان.
الحجة السابعة : يمكننا أن نقول : هذه الحركة بجميع صفاتها ، حصلت في هذا الزمان ، ولم تحصل في الزمان المتقدم. ولا يمكننا أن نقول : حصلت هذه الحركة في نفسها ، أو في صفة من الصفات القائمة بها ، [أو في حركة أخرى ، أو في صفة من الصفات [القائمة (٣)] بها [أو في حركة أخرى (٤)] ، وكل ذلك يدل على أن الزمان غير الحركة ، وغير جميع الصفات القائمة بالحركة.
الحجة الثامنة : إنه يمكننا أن نتصور زمانا خاليا عن الحركة. مثلا : إذا توهمنا أن الله سبحانه أعدم الفلك ، وأعدم جميع الكواكب عند قيام القيامة ، ثم إنه تعالى ترك [هذه الأشياء (٥)] على العدم المحض مدة مديدة إلى أن يعيدها ، ويعيد الخلائق في موقف القيامة. فالمدة المتوسطة بين أول زمان الإعدام ، وأول زمان الإعادة لا شك أنها تكون مدة مخصوصة ، والعقل يمكنه فرض تلك المدة أقل ، أو أكثر ، أو أنقص ، أو أزيد ، ففي هذا الفرض قد فرضنا جميع الحركات معدومة ، وهذا الفرض ليس فرضا معلوم الامتناع بالبديهة
__________________
(١) سقط (م).
(٢) سقط (س).
(٣) سقط (م).
(٤) سقط (ط) ، (س).
(٥) سقط (ط) ، (س) وفيهما : تركها على العدم.