الفرض أن البطيء والسريع ، إن اشتركا في مقدار المسافة ، اختلفا في مقدار هذا الإمكان. وإن اشتركا في مقدار هذا الإمكان اختلفا في مقدار المسافة ، وذلك يوجب القطع بأن مقدار هذا الإمكان أمر مغاير لمقدار المسافة. فثبت أن بسبب هذه الأمور الثلاثة من الفرض ، ظهر أن هذا الإمكان [أمر (١)] موجود مقداري ، وأنه مغاير لنفس مقدار المتحرك ، ولنفس مقدار المسافة ، ولنفس الحركة ، ولكون الحركة سريعة أو بطيئة. وذلك هو المقصود. وهذا تقرير تمام هذه الحجة.
والاعتراض عليها من وجوه :
السؤال الأول : (٢) إنكم بنيتم هذه الحجة على أمور ثلاثة :
فأحدها : أن هاهنا حركة سريعة وحركة بطيئة.
وثانيها : أن هاهنا حركتين يبتدئان معا ، وينقطعان معا.
وثالثها : أن هاهنا حركتين تبتدئ إحداهما بعد الأخرى. ومن المعلوم : أن هذه الأمور الثلاثة لا يمكن اعتقاد حصولها إلا بعد الجزم بوجود الزمان. أما الأول : فلأن السريع هو الذي يقطع مثل ما قطعه البطيء في زمان أقل أو أزيد مما قطعه البطيء في زمان مساوي، وأما البطيء فبالعكس من هذا الذي قلناه. ومعلوم : أن هذه الأحوال لا يتقرر ثبوتها إلا بعد تسليم وجود الزمان. وأما الثاني : وهو قولنا : في الحركتين إنهما يبتدئان معا ، وينتهيان معا. فمعناه : أن ابتداء وجودهما ، وانتهاء وجودهما يكون في آن واحد ، لكن الآن لا يعقل ، ولا يوجد إلا بعد تعقل الزمان. وأما الثالث : وهو أن تبتدئ إحدى الحركتين بعد الأخرى ، فمعلوم أنه لا يمكن تصور معنى القبلية والبعدية ، إلّا بعد وجود الزمان.
إذا عرفت هذا فنقول : وجود الزمان إما أن يكون غنيا عن الاستدلال ،
__________________
(١) سقط (س).
(٢) زيادة.