أو محتاجا إلى الاستدلال. فإن كان الأول كان الخوض في هذا الدليل غنيا عنه ، وإن كان الثاني فنقول : إنكم إنما بينتم وجود الزمان بهذه المقدمات.
وقد بينا أنه لا يمكن إثبات هذه المقدمات إلا بعد العلم بوجود الزمان ، فيلزم الدور ، ومعلوم أنه باطل.
لا يقال : وجود أصل الزمان معلوم بالبديهة ، فأما بيان ماهيته على التفصيل فذاك معلوم بالاستدلال ، ونحن إنما أثبتنا بهذا الدليل تفصيل ماهيته ، وحينئذ يسقط الدور. لأنا نقول : إن هذا القدر الذي سبق ذكره من الاستدلال ، لا يدل على بيان ماهيته المعينة وحقيقته المخصوصة ، بل لا دلالة فيه إلّا على كونه أمرا موجودا في الأعيان ، وحينئذ يعود الدور المذكور.
والسؤال الثاني على هذا الدليل : إن من مذهبكم أن المحكوم عليه بالزيادة والنقصان، لا بد وأن يكون موجودا. وبه أجبتم عن دليل من استدل على أن للحركات أولا بسبب كونها قابلة للزيادة والنقصان ، ثم إن من المعلوم من الأمور المنقضية ، التي لا ثبات لأجزائها ، ولا استقرار لأقسامها ، وإذا كان كذلك ، فحينئذ لا يصح الحكم عليه بالزيادة والنقصان في نفس الأمر. بل غاية ما في الباب : أن الأمر الممتد المرتسم منه في الوهم ، يمكن الحكم عليه بالزيادة والنقصان ، وأما الأمر الممتد من الزمان ، فلا وجود له البتة في الأعيان. وإذا ثبت هذا فنقول : الأمر الذي تريدون إثباته وهو وجود الزمان في الأعيان فإنه لا يمكن الحكم عليه بكونه قابلا للزيادة والنقصان. والذي صدق عليه هذا الحكم ، وهو الأمر المفروض في الذهن فإنه لا يدل على كون الزمان موجودا في الأعيان. فثبت أن هذه الحجة مغالطة.
والسؤال الثالث : هذا الدليل معارض بأمور :
أحدها : إن ما ذكرتموه معارض بنفس الزمان (١) ، فإن بين ابتداء كل زمان وبين انتهائه ، إمكانا يتسع بمثل ذلك المقدار ، ولا يمتلئ بما هو أصغر
__________________
(١) الإتيان (ت) الزمان (ط) ، (س) ويمكن أن تقرأ الإمكان.