تفاوت أصلا ، ومتى كان الأمر كذلك ، امتنع أن يقال : إن ذلك الزمان حصل لبعض تلك الحركات دون البعض.
واعلم أن غرضنا من نقل كلام الشيخ أن نبين : أنا إنما حررنا ذلك الدليل على وجه لا يتعلق به كلام الشيخ ولا يقدح فيه. ثم إنا بعد التنبيه على هذا المقصود ، نبين أن هذا الكلام الذي ذكره مختل من وجه آخر. وتقريره : أن المعقول من مقدار الحركة [هو مقدار امتداد الحركة (١)] لأنا إن لم نفسر مقدار الحركة بهذا المعنى ، لم يتلخص من قولنا : مقدار الحركة مفهوم ملخّص معين ، وإذا عرفت هذا فنقول : [المفهوم من امتداد وجود الشيء بقاؤه واستمراره ودوامه. إذا ثبت هذا فنقول (٢) :] من المعلوم بالضرورة أن دوام وجود الشيء يمتنع أن يكون موجودا مباينا عنه ، حاصلا في غيره. وذلك لأن الناس اختلفوا في أن بقاء الشيء واستمراره ، هل هو صفة زائدة على وجوده أم لا؟ فمنهم من نفى كونه صفة زائدة ، ومنهم من أثبتها. وكل من قال بذلك قال : إن تلك الصفة حاصلة في ذلك الشيء ، ويمتنع كونها حاصلة في شيء آخر ، وليس في العقلاء واحد يجوز أن يقول : إن دوام وجود الشيء لا يكون حاصلا فيه بل في غيره ، وإذا ثبت أن دوام وجود الشيء يجب أن يكون فيه لا في غيره ، فمقدار هذا الدوام لا معنى له إلا كيفية من كيفيات هذا الدوام ، فكانت هذه الكيفية ـ بامتناع المباينة ـ أولى.
فثبت بما لخصناه : أنا متى فسرنا الزمان بمقدار الحركة (٣) كانت بديهة العقل حاكمة بأن مقدار كل حركة يجب أن يكون قائما بتلك الحركة ، وأنه يمتنع أن يحصل هناك مقدار واحد يكون قائما بواحد منها ، وتكون سائر الحركات في أنفسها خالية عن مقاديرها. أما قول الشيخ : «إن المقدار الموجود في جسم يقدره [ثم تتقدر (٤)] سائر الأجسام بواسطته» فنقول : هذا مغالطة محضة ،
__________________
(١) من (م).
(٢) من (م). (س).
(٣) العبارة من (ط).
(٤) من (ط).