وذلك لأنه [لما كان (١)] لكل كل واحد من تلك الأجسام مقدار على حدة ، فكذلك هاهنا وجب أن يكون لكل واحد من هذه الحركات مقدار على حدة.
وعلى هذا التقدير : إذا قلنا : الزمان عبارة عن مقدار الحركة ، لزم القطع بحصول الأزمنة الكثيرة دفعة واحدة ، وحينئذ تعود المحاولات المذكورة.
فإن قال قائل : هذا الكلام إنما يلزم ، إذا قلنا : الزمان نفس مقدار الحركة ، ونحن لا نقول [بذلك بل نقول إن (٢)] لكل واحد من الحركات مقدار خاص بها على حدة. وهاهنا شيء آخر مباين عن الكل ، هو المقتضى لحصول تلك المقادير ، وذلك الشيء هو الزمان. فنقول : هذا مدفوع من وجهين :
الأول : إن مذهبكم أنه لا حقيقة للزمان إلّا مقدار الحركة ، فلما أبطلنا عليكم هذا الكلام ، تركتم في هذا السؤال ، ذلك المذهب ، وقلتم : الزمان عبارة عن [المعنى (٣)] المقتضي لمقدار الحركة. ومن المعلوم أنه فرق بين مقدار الحركة وبين المعنى المقتضي لمقدار الحركة. فإن قلتم : الزمان معنى يقتضي مقدار الحركة ، كان هذا تركا لقولكم : إن الزمان هو مقدار الحركة.
والوجه الثاني في دفع هذا الكلام : هو أنا قلنا : إنه لا معنى لمقدار حركة الفلك ، إلا امتداد دوامها وامتدادها. ومعلوم (٤)] أن دوام الشيء الذي يكون ممكن الوجود لا يكون إلّا لدوام علّته الموجدة له ، فيلزمكم على قولكم أن تقولوا : إن الزمان عبارة عن الموجود الواجب لذاته الذي هو السبب الأول ، والعلة الأولى. وذلك باطل. والله أعلم.
الحجة الثانية في إبطال قول من يقول : الزمان عبارة عن مقدار حركة الفلك :
أن نقول : إنا قد ذكرنا أنه لا يعقل من قولنا : الزمان مقدار الحركة ، إلا
__________________
(١) سقط (س).
(٢) من (ط).
(٣) من (ط).
(٤) سقط (ط ، (س).