أنه مقدار امتداد الحركة. إذا عرفت هذا. فنقول : امتداد الحركة لا وجود له في الأعيان ، وإذا كان كذلك ، امتنع أن يكون مقدار ذلك الامتداد أمرا موجودا في الأعيان ، أما بيان أن امتداد الحركة لا وجود له في الأعيان فهو أن الحركة عبارة عن حصولات متعاقبة في أحياز معاقبة ، ومن المعلوم بالبديهة أنه لا وجود لمجموع تلك الحصولات في الأعيان ، وإنما الموجود منها حصول واحد في آن واحد ، ثم ينقضي ويحصل بعده مثله. فثبت : أن امتداد الحركة لا وجود له في الأعيان.
فإن قالوا : الحركة عبارة عن كون الجسم متوسطا بين المبدأ والمنتهى ، بحيث لا يكون حاله في آن من الآنات المفروضة في تلك المدة مشابها لحاله قبل ذلك ولا بعده ، وهذه الحالة باقية مستمرة. وذلك يدل على أن امتداد الحركة أمر موجود في الأعيان فنقول : الذي يحصل في الأعيان هو الحصول في هذا المعين ، ثم في حد آخر معين. وهكذا على التعاقب والتوالي ، وذلك يدل على أن امتداد الحركة لا حصول له في الأعيان ، وأما بيان أنه متى كان الأمر كذلك ، امتنع أن يكون لمقدار ذلك الامتداد وجود في الأعيان ، فالدليل عليه : أن مقدار هذا الامتداد صفة من صفات هذا الامتداد ، والموصوف إذا كان ممتنع الوجود في الأعيان ، فالصفة أولى بأن تكون ممتنعة الوجود في الأعيان ، فثبت بهذا الذي بيناه : أن مقدار الحركة يمتنع أن يكون موجودا في الأعيان. لكن الشيخ بين بالدلائل : أن الزمان موجود في الأعيان. ينتج أنه لا شيء من الزمان عبارة عن مقدار الحركة.
الحجة الثالثة في إبطال هذا المذهب : أن نقول : الزمان لو كان عبارة عن مقدار الحركة ، لكان الزمان صفة من صفات الحركة [وكل صفة فهي (١)] محتاجة إلى الموصوف ، [ينتج أن الزمان يجب أن يكون محتاجا إلى الحركة (٢)] لكن الحركة محتاجة إلى الزمان ، لأن كل حركة فهي انتقال من حالة إلى حالة
__________________
(١) من (ط) ، (س).
(٢) من (س).