حاصل فيه أيضا محال ، لامتناع الدور ، وإذا كان كذلك ، امتنع كون الحركة حاصلة (١) في نفسها ، ولا في مقدار نفسها. وإذا ثبت هذا فنقول : كل حركة فهي حاصلة في الزمان ، ولا شيء من الحركات [حاصلة (٢)] في نفسها ولا في مقدار نفسها ، ينتج : فلا شيء من الزمان بحركة ، ولا بمقدار الحركة. وهو المطلوب.
الحجة الخامسة عشر. الزمان لا يرتفع بارتفاع الحركة ، وكل ما كان مقدارا للحركة ، فإنه يرتفع بارتفاع الحركة ، ينتج : فلا شيء من الزمان بمقدار الحركة. ولنكتف بهذا القدر من الدلائل في هذا المطلوب.
واحتج القائلون بأن الزمان عبارة عن مقدار حركة الفلك بوجوه :
الحجة الأولى : إن الزمان عبارة عن المعنى الذي باعتباره يحصل تعاقب القبليات والبعديات ، وذلك لا يتحقق إلا عند حصول التغير ، والتغير هو الحركة ، فيثبت : أن الزمان متعلق بالحركة.
والجواب : إن كون الزمان متعلقا بالحركة مجرد [وهم (٣)] كاذب ، وخيال فاسد. ويدل عليه وجوه :
الأول : إنا نصف الله سبحانه وتعالى بأنه كان موجودا قبل العالم ، وأنه الآن موجود مع العالم ، وسيبقى موجودا بعد انقراض العالم. وقولنا كان وكائن وسيكون : فإنه وإن أشعر بتبدل الأحوال ، وتغير الصفات ، لكنه لا يعقل حصول التبدل والتغير في حق الله تعالى ، لا بحسب ذاته ولا بحسب صفاته. فثبت : أن الزمان لا يستلزم حصول التغير.
الثاني : إنا نقول : هذه الحوادث كانت معدومة في الأزل ، فيحكم على هذه العدمات الأزلية بالأحكام الزمانية ، مع أن وقوع التغير في العدم المحض محال.
__________________
(١) حاصلة في مقدار نفسها. وإذا ثبت ... الخ (س).
(٢) سقط (م).
(٣) من (ط) قول (م).