الفصل الخامس
في
التفحص عما قيل من أن الزمان
كم متصل. وبيان أن ذلك ليس بحق
احتج (١) القائلون بأن الزمان كمّ متصل بأن قالوا : قد ذكرنا أن الزمان قابل للمساواة والمفاوتة ، وكل ما كان كذلك فهو كم ، فالزمان كم ، وكل كم فهو إما متصل أو منفصل ، لا جائز أن يكون [الزمان (٢)] كما منفصلا ، لأن كل كم منفصل فهو مركب من الوحدات ، فلو كان الزمان كما منفصلا ، لكان مركبا من آنات متلاصقة ، ودفعات متعاقبة ، ولو كان الأمر كذلك ، لزم كون الحركة مركبة من أمور متتالية ، كل واحد منها لا يقبل القسمة ، لأن الواقع من الحركة في الآن الواحد ، إن كان منقسما كان وقوع النصف الأول من تلك الحركة ، متقدما على وقوع النصف الثاني منها ، فحينئذ ينتصف ذلك الآن ، لكنا فرضنا أن ذلك الآن غير منقسم [هذا خلف. فثبت أن القدر الحاصل من الحركة في الآن الواحد غير منقسم (٣)] فلو كان الزمان مركبا من الآنات المتتالية ، لكانت الحركة مركبة من أمور غير منقسمة ، ولو كان الأمر كذلك لكان الجسم مركبا من الأجزاء التي لا تتجزأ ، لأن المقدار من المسافة الذي يتحرك عليه في الآن ، الذي لا ينقسم ، بالجزء الذي لا يتجزأ من الحركة ، إن
__________________
(١) وبيان أن ذلك حق (س).
(٢) من (س).
(٣) من (ط ، س).