الفصل السادس
في
تتبع سائر المذاهب والأقوال في ماهية الزمان
أما مذهب من يقول : الزمان عبارة عن الحركة الفلكية. فقد [بالغنا في تقرير الوجوه الدالة على فساده. وأما مذهب من يقول : إنه عبارة عن مقدار الحركة الفلكية فقد (١)] كشفنا عن فساده كشفا لا يبقى للعاقل فيه شبهة. وأما قول أبي البركات إن الزمان (٢) عبارة عن مقدار الوجود. فهذا كلام مبهم [مجمل (٣)] وأحسن أقواله أن يقال : المراد منه : أن الزمان مقدار امتداد الوجود. فإن كان المراد ذلك فهو باطل. وذلك لأن امتداد الوجود عبارة عن بقاء الشيء ودوامه واستمراره ، وهذا البقاء والدوام إما أن لا يكون أمرا زائدا على ذات الباقي. أو إن كان زائدا عليه ، لكن بقاء كل شيء ودوامه صفة قائمة به. وأيضا : فبقاء كل شيء ودوامه غير بقاء الآخر ، وغير دوامه. فلو كان الزمان عبارة عن هذا المعنى (٤) لزم أن يكون عدد الأزمنة المجتمعة في هذه الساعة الواحدة ، بحسب عدد الأشياء الباقية في هذه الساعة. لكنا [قد دللنا (٥)] على أن القول باجتماع الأزمنة الكثيرة دفعة واحدة : محال.
__________________
(١) سقط (م).
(٢) إنه عبارة (م).
(٣) سقط (ط).
(٤) المعنى (ط) البقاء (م).
(٥) سقط (م).