الثالث : إنه لا نزاع في أنا نشاهد أشياء ، مشاهدة حقيقية. ونجد من أنفسنا آلاما ولذّات. فهذا الذي نشاهده إنما نشاهده في الحال ، لأن الذي مضى ولم يبق تمتنع مشاهدته، والذي هو مستقبل ولم يحضر تمتنع أيضا مشاهدته. فعلمنا أن هذه الوجدانيات والمشاهدات إنما حصلت في الحال ، لا في الماضي ولا في المستقبل.
واعلم : أن القول بأنه لا بد من الاعتراف بكون [الحال (١)] الحاضر موجودا ، أظهر وأجلى من أن يفتقر فيه إلى بيان وبرهان. وإنما ذكرنا هذه الوجوه مبالغة في البيان.
المسألة الثانية : في بيان أن الآن الحاضر لا يقبل القسمة :
وقبل الخوض في تقرير المطلوب ، لا بد من تقديم مقدمة. وهي في بيان أن كون الشيء منقسما [يقع (٢)] على وجهين :
الأول : أن ينقسم الشيء بحيث يحصل لجميع أجزائه [وأقسامه (٣)] وجود معا. وذلك مثل انقسام الجسم ، فإنه حال انقسامه ، يكون كل واحد من أجزائه حاصلا مع حصول الجزء الآخر.
والثاني : أن ينقسم الشيء بحيث يمتنع أن يحصل بعض أجزائه حال حصول الجزء الآخر. وهذا مثل انقسام الزمان والحركة. وذلك لأن الزمان الممتد من أول اليوم إلى آخره يقبل القسمة إلى الأجزاء. ولكن أي جزء فرض ، فإنه [يمتنع حصوله ، حال حصول الجزء الآخر منه (٤)] والعلم بذلك ضروري بعد التأمل واستحضار تصورات هذه الألفاظ.
إذا عرفت هذا فنقول : الآن الحاضر غير قابل للقسمة بالوجه الثاني
__________________
(١) سقط (ط).
(٢) من (ط).
(٣) أحدهما (م ، ت).
(٤) سقط (ط).