انجر ذلك المعلاق إلى رأس البئر ، انجرّ الدلو من أسفل البئر إلى أعلاه ففي الزمان الذي انتقل المعلاق الأعلى إلى رأس البئر وهو مقدار ذراع انتقل الدلو من أسفل البئر إلى أعلاه ، وهو أربعة وستون ذراعا.
واعلم : أنا لو فرضنا طول البئر مائة ألف ألف ذراع ، وعملنا العمل المذكور ، فإنه حال ما يتحرك المعلاق الأعلى : شبرا ، فإنه يجب أن ينتقل الدلو من الأسفل إلى الأعلى ، مع كون تلك المسافة مائة ألف ألف ذراع.
وإذا عرفت ذلك ، فهذا يدل على ثبوت المطالب الثلاثة : وهي انقسام المسافة أبدا ، وانقسام الزمان أبدا ، وحصول التفاوت في السرعة والبطء من غير تخلل السكنات.
الحجة الرابعة : إذا فرضنا سفينة تتحرك ، إلى جانب. وفرضنا إنسانا كان في تلك السفينة ، وهو يتحرك إلى ضد حركة السفينة. ففي الزمان الذي تحركت السفينة بمقدار جزء. إن تحرك الرجل بمقدار جزء ، ذهب الزائد بالنقاص. فيلزم : أن يبقى الرجل واقفا في مكانه. وهذا هو السبب في وقوف الكواكب المتحيرة في الرؤية. وأما إن تحرك أكثر ، لزم القول بالطفرة على قول البعض ، والتفاوت في السرعة والبطء على قول الحكماء.
الحجة الخامسة : إن الشمس كلما تطلع ، وصلت الأنوار في الحال إلينا ، دفعة واحدة. والأنوار أجسام. وقطع هذه الأجسام ، هذه المسافة العظيمة ، في هذه اللحظة اللطيفة ، لا يمكن إلا بالطفرة ، أو لأجل أنه لا نهاية لمراتب السرعة.
الحجة السادسة : إنا إذا سددنا الكوة. خرجت الأجزاء النورانية ، دفعة واحدة. وهذا لا يمكن إلا بالطفرة.
فهذه جملة الوجوه المذكورة في هذا الباب.
والقائلون بالطفر يتمسكون بها في إثبات الطفرة ، والقائلون بحصول حركة ، أسرع من حركة أخرى ، مع خلوها عن مخالطة كل السكنات. قد